سيدتي صحتك ليست ملكك فقط فدقيقة من وقتك تنقذ حياتك وتسعد اسرتك

كنانة نيوز – محمد محسن عبيدات

في قصة مؤثرة قد تكون هي الاجمل مما سمعت من خلال لقاءاتي الميدانية بالسيدات اللواتي تقدمن للفحص المبكر للسرطان , حيث كان لي شرف اللقاء بسيدة اردنية  تبلغ من العمر 38 عاما  , كانت وما زالت  تعيش حياة سعيدة مع عائلتها الذين لا يتحملون غيابها عن اعينهم , يحبونها كثيرا ويشتاقون لها باستمرار , لكن ظروف العمل  خارج البيت تجبرها على الغياب لساعات طويلة عن المنزل , تخرج في ساعات الصباح الباكر وتعود في ساعات المساء و التعب والارهاق الجسدي قد انهكها   .

الثلاثينية لديها مسؤوليات  واعمال وواجبات  كثيرة داخل المنزل  واهمها  دراسة الاولاد و اعمال المنزل من الطهي والتنظيف وغيرها من الامور المطلوب انجازها بشكل يومي , مما جعلها لا تهتم في كثير من الامور الشخصية و الصحية  نتيجة الكم الهائل من الواجبات اليومية , ومع مرور الوقت اصبحت تشعر ان الجميع بحاجة لها  وهي عصب المنزل ووجودها يعني الكثير بالنسبة للعائلة .

 ترفض الثلاثينية باستمرار الحاح زوجها  لإجراء الفحص المبكر للكشف عن سرطان الثدي  , خوفا من التقصير بواجباتها الاسرية , فهي تعمل بجد واجتهاد طيلة اليوم وغير مبالية فيما قد يصيبها رغم انها متعلمة ومثقفة وتدرك جيدا انه من الضروري اجراء الفحوصات الدورية  وخاصة الامراض السرطانية  الا انها غير مكترثة وهمها الاول والاخير اولادها وزوجها  , والاهتمام بهم وبدراستهم وصحتهم على حساب صحتها  وسلامتها .

زوجها كان يدرك اهمية اجراء الفحوصات الدورية  ويطلب منها باستمرار اجراء الفحوصات اللازمة  لكن دون جدوى , وفي كل مرة ترفض و تعاند وتقول له لا تهكل همي فانا بخير ولن يصيبني الا ما كتب الله لنا , ومع ذلك يصر ويلح زوجها كل فترة عليها  ويحاول ان يصطحبها الى المستشفى لا جراء الفحوصات الا انها وكالمعتاد ترفض وتعاند .

زوجها حاول بكل الطرق اقناعها للفحص , فقام بالعديد من الاجراءات ومنها احضار العديد من النشرات الى المنزل فيما يتعلق  بالتوعية والتثقيف حول الامراض السرطانية , وعن اهمية اجراء الفحوصات المبكرة والدورية , و العديد من الفيديوهات التي تعرض قصص نجاح لفتيات تغلبن على المرض نتيجة الفحص المبكر , بالإضافة الى تشجيع زوجته على المشاركة في حملات التوعية والتثقيف ضد مرض السرطان من خلال تقديم الهدايا للمرضى , وغيرها من الامور .

وبعد العديد من المحاولات نجح زوجها بإقناعها بالفحص  ,حيث كانت المفاجأة  انها مصابة  بسرطان الثدي و المرض في بدايته , وعلى الفور تم اجراء الفحوصات اللازمة وبالتشجيع  المستمر لها من قبل زوجها واهلها تم اجراء العملية المستعجلة  حيث تكللت بالنجاح نتيجة الكشف المبكر عن سرطان الثدي , حيث يتم علاجه والسيطرة عليه بشكل نهائي في بدايته , والتأخير في اجراء الفحوصات الدورية يؤثر سلبا على صحة النساء وعند اكتشاف المرض في مراحل متقدمة تكون فرصة النجاة والشفاء ضئيلة وبالتالي سيكون الموضوع مسألة وقت والموت المحتم .

فرحت السيدة  كثيرا لشفائها ليس حبا في الحياة بقدر ما هو حبا لأولادها وعائلتها لتبقى على راسهم ومعهم  طيلة مسيرة حياتهم , فحفاظ المرأة على صحتها وسلامتها من أي مكروه وهو حفاظ على عائلتها واستمرار سعادتهم ونجاحهم في الحياة , وهنا ادركت ان الانسان عندما يحافظ على صحته ليس من اجله فقط فهناك من ينتظره ويحبه ويشتاق اليه كثيرا في كل يوم . ووجودها بين عائلتها يعني ان الحياة مستمرة بجمالها وروعتها .

الثلاثينية استمرت في متابعة كل ما يتعلق بالشأن الصحي للمرأة وواظبت على اجراء الفحوصات الدورية , ولم تكتفي بهذا القدر و عملت على تشجيع كل النساء في محيط العمل والعائلة والحي على الفحص من خلال قصص الشفاء ومن خلال الحوار والاقناع , وعملت على نشر التوعية والتثقيف من خلال صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال وسائل الاعلام لبث روح الامل والتفاؤل لدى كافة النساء وتشجيعهم على اجراء الفحوصات الدورية .

الثلاثينية ومن خلال لقاءتها واجتماعاتها ومناسبتها المختلفة  تدعو السيدات لزيارة المستشفيات والمراكز المتخصصة  واجراء الفحص المبكر للكشف عن سرطان الثدي , والتعرف على  المرض و ادق تفاصيله واعراضه وخطورته والوقاية منه وعلاجه  وكيفية تقليل فرص الاصابة به , وكيفية الكشف الذاتي و المبكر عنه , ومراحل المرض المختلفة من الصفر ولغاية المرحلة الرابعة , وان تشخيص المرض في مراحله المتأخرة الثالثة والرابعة  تكون نسبة الشفاء ضئيلة وتكاليف العلاج باهظة , بينما عندما يتم تشخيصه في مراحل مبكرة من صفر ولغاية المرحلة الثانية تكون فرص الشفاء بنسبة 98%  وتكاليف العلاج أقل , حيث ان مرض سرطان الثدي يعتبر من اكثر انواع السرطانات انتشارا بين نساء العالم  اجمع  .

الثلاثينية تؤكد دائما ان هناك العديد من الجهات المعنية  تقوم بعمل محاضرات حول التوعية والتثقيف  عن امراض السرطان وهي قيمة ومفيدة و يتم اعطاؤها من قبل متخصصين بهذا الشأن  ويتم  التركيز من خلالها على انواع الاورام  السرطانية التي تصيب الثدي والفئة  العمرية الاكثر عُرضة للإصابة بهذا المرض , ونسب الإصابة على المستوى المحلي والعالمي  . 

وكذلك ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي  ناشدت ارباب الاسر في كل ارجاء الوطن  الحبيب تشجيع النساء على الفحص السريري الدوري باستمرار وتخصيص الوقت المناسب لهن واصطحابهن الى اماكن الفحص  والتوعية , وتقديم كافة اشكال الدعم والمساندة لهن لان المرأة هي صمام الامان للأسرة  , ومساندة المرأة للحفاظ على صحتها هو واجب ديني واخلاقي حث عليه ديننا الحنيف وكافة الديانات السماوية . وكتبت على صفحتها تقول  : سيدتي لا تترددي بالفحص فدقيقة من وقتك قد تنقذ  حياتك .

ولمكافحة هذه الافة تولت مؤسسة ومركز الحسين للسرطان ادارة مهام البرنامج الاردني  لسرطان الثدي  , حيث  يهدف هذا البرنامج  الى تخفيض معدل الوفيات الناتجة عن مرض سرطان الثدي من خلال  الحملات  التوعوية والتثقيفية والبرامج والخطط الممنهجة التي وضعت لهذه الغاية و نشر التوعية والتثقيف من خلال المحاضرات والندوات واللقاءات الميدانية مع السيدات  في مختلف مناطق المملكة و من خلال مواقع التواصل الاجتماعي  والمؤسسات الاعلامية والصحفية وكذلك من خلال توزيع اليافطات والمطويات المختلفة في معظم الاماكن الخدماتية والاستراحات العامة , ومؤخرا اعلن المركز ان 26 الف سيدة استفدن من خدمات الكشف المبكر من خلال وحدة الماموغرام المتنقلة عبر السنوات الماضية، في عدد من محافظات المملكة وخاصة المناطق النائية , والحملة مستمرة حيث سيتم دعم ١,٢٠٠ سيدة لإجراء فحوصات الكشف المبكر من خلال وحدات الماموغرام المتنقلة.