نحنُ والقَدَر والمفاجآت / كامل النصيرات

نحنُ والقَدَر والمفاجآت 

كامل النصيرات

إنه القدر؛ أو ذلك الشيء الذي لا تعرفه حين تخطّط لأمر بسيط وإذا به يسقط عليك فجأة ويجعلك – مرغماً – تغيّر اتجاه سيرك وخطتك كلّها. تجلس وأنت عاقدٌ العزم على أن تقول (لا) بملء فيك وأنا واثق أنك ستقولها بل وتنتظر اللحظة التي ستقولها فيها فإذا بـ(لائك) المُطهّمة تصبحُ (نعم) عاريةً من غير التفاتٍ..!

تذهبُ للسوق؛ كل أمرك أن تشتري ما تيسّر من قوت اليوم فقط؛ وإذا بك تشتري معه قوتاً لا قوتَ فيه؛ ما الذي دعاك لذلك لا تعلم..!

يكون لديك خمسة مواعيد؛ فيها أملٌ لك ولعيالك ولأنفاسك اللاهثة التي يجب أن تهدأ؛ فيخرج لك قبل اللحاق بالموعد الأوّل موعدٌ سادسٌ لا يخطر ببالك؛ تُقدِّمه على خمستك المرسومة سلفاً؛ وهذا الذي يجعلك تقفز قفزة للأعلى قليلاً أو لتحتٍ أكثر وأكثر..! من الذي أو ما الذي دَخَلَ على خطّ مواعيدك فجأة..؟!

خذ فلسطين الحزينة مثلاً واقعاً وماثلاً لليوم؛ الأجيال التي تتوالى تمشي باتجاه فلسطين ونقطة المسير معروفة ولا يختلف عليها مجنونان ولا عاقلان..فجأة تجد الأجيال نفسها في معارك لم تحسب حسابها؛ فجأة الطريق المستقيم يصبح له ألف تفريعة وتفريعة وندخل في متاهة الطرقات وإذا بها كلّها إلى وديان سحيقة أو ترتدّ إلى المربع الأوّل مع تعب ولهاث؛ وفلسطين تنتظر وتناظر ولا تملك إلا تمشيط شعرها انتظاراً للفارس الذي لمّا تأتِ به الريح بعد..!

إنّه القدر.