عنف الخادمات مشكلة تهدد أمن العائلات

كنانه نيوز  –  بترا  –  بات الحديث عن مشكلة عنف الخادمات يهدد امن الاسر وطمأنينتها، على الرغم من الاجماع على ان الاردنيين بطبيعتهم طيبون ولا يميلون الى العنف، وتعتبر حالات العنف المسجلة سواء من الخادمات او عليهن محدودة جدا.

ومع أن عنف الخادمات لا يشكل ظاهرة في الاردن، الا ان بروز هذه المشكلة دق ناقوس الخطر لتحليلها ومعرفة اسبابها للوصول الى علاج المشكلة قبل ان تتفاقم .

ان ما تناولته وسائل الاعلام اخيرا، حالات معدودة، حتى ان الحادثة الاخيرة التي اودت بحياة طفل في الرابعة من عمره نحرا، كانت لخادمة قادمة مع ذوي الطفل المفجوعين من احدى دول الخليج العربي.

مدى الحاجة الفعلية لوجود الخادمات في المنازل، يعتبر ابرز سؤال في عمق المشكلة، ففي الوقت الذي تحتاج فيه بعض الاسر الى الخادمة لرعاية كبار السن، تحتاجها اخرى لانشغال افرادها في اعمالهم لأوقات طويلة، وهناك اسر لا يعدو طلبها للخادمات الا كونه مظهرا اجتماعيا لا غير .

وزير العمل كان اعلن ان العمالة الوافدة بشكل عام ومن ضمنها الخادمات في المنازل تحول سنويا ما يزيد عن 8ر1 مليار دولار، مقدرا حجمها في الأردن بين 800 ألف الى مليون عامل.

ويصل عدد الخادمات في المملكة الى نحو 50 الف خادمة تحمل تصريح عمل ساري المفعول، وفقا لمدير مديرية العاملين في المنازل في وزارة العمل الدكتور هايل الزبن، الذي يشير الى ان عدد الشكاوى في هذا القطاع بلغ 597 شكوى تم حل 590 منها، كما تم احالة 32 شكوى الى لجنة الاتجار بالبشر.

وتتعامل مديرية الامن العام مع الجريمة كجريمة من حيث عناصرها ودوافعها ونتائجها بغض النظر عن جنسية مرتكبها سواء كان اردنيا او من العمالة الوافدة او مقيما في البلاد بحسب الناطق الرسمي باسم المديرية المقدم عامر السرطاوي .

ويقول السرطاوي ان معظم القضايا المسجلة بحق الخادمات تتعلق بالهروب من بيت المخدوم أو السرقة، وفي بعض الاحيان الايذاء.

“في السابق كانت الاعمال المنزلية تُقسم بين افراد الاسرة الواحدة ، من ذكور واناث، وكل ينجز مهمته، ويكمل دراسته، في حين يحمل الاب اثناء ذهابه الى عمله كيس النفايات لوضعه بالحاوية القريبة، لا يضيره بذلك شيء” يقول استاذ علم الاجتماع بالجامعة الاردنية الدكتور مجد الدين خمش.

ويضيف أن مفهوم الخادمات غير موجود في العديد من الدول المتقدمة في اوروبا واميركا، اذ ان كل شخص داخل الاسرة مسؤول عن خدمة نفسه، وقليل من تلك الاسر فيها خادمات، وهناك اعتماد كبير على النفس، مشيرا الى اننا في البلاد العربية بشكل عام اعتدنا وجود العمالة الوافدة وجزء منها الخادمات.

ويقول الدكتور خمش اننا بحاجة الان الى الوقوف وتحليل مشكلة عنف الخادمات نحو الاطفال وكبار السن التي بدأت بالظهور في عدد من مناطق المملكة .

ويؤكد ان الاسر الاردنية تتميز بالطيبة وتعاملها الانساني بشكل عام مع الخادمة، بل ان العديد من الاسر تعتبر الخادمة احد افرادها وتتعامل معها على هذا الاساس .

ويضيف ان عددا كبيرا من الخادمات اللواتي يأتين الى الاردن من خلفيات ثقافية وعادات وتقاليد مختلفة، ومن مجتمعات بسيطة غالبا فيها حالات عنف، مشددا على ضرورة تعليمها على العادات المتبعة لدينا بحيث تعيش هي والاسرة التي تعمل لديها بأمان، وان تكون الاسرة مطمئنة لها وبوجودها.

وحول ما بات ينشر أخيرا عن عنف الخادمات يقول ان الخادمة قد تكون مارست العنف في بلدها اصلا، وربما عليها قيد امني، مشيرا الى اننا بدأنا في الاردن التشديد على ضرورة حصولها على شهادة حسن سلوك قبل الموافقة عليها للخدمة هنا اذ ان ما يهمنا هو حماية الاسرة الاردنية.

ويتساءل عن مدى الحاجة الفعلية لبعض الاسر للخادمات، حيث ان الاسرة الاردنية اعتادت سابقا على تقسيم اعمال البيت على افرادها، ما بين الاولاد والبنات، وكان حجم الاسرة اكبر منه الان، مبينا ان هناك فئة ، تتعامل مع الخادمة كمظهر اجتماعي بحت .

ويقول ان وجود عدد كبير من العمالة الوافدة يرهق الاقتصاد الاردني متسائلا: هل نحن بحاجة الى هذا العدد والذي يصل الى نحو مليون عامل يستنزفون جزءا من ثروة البلاد التي يتم تحويلها للخارج بمبلغ يصل الى نحو 2 مليار دولار سنويا، ناهيك عن استهلاكهم للموارد كالخدمات والمياه والكهرباء والمواصلات بالاسعار المدعومة .

ويشير إلى العقبات التي تواجه حل المشكلة بتشغيل اردنيين مكان العمالة الوافدة، مشيرا الى وجود 140 الف متعطل عن العمل تقل مؤهلاتهم العلمية عن الثانوية العامة .

ويبين اهمية عمل الخدمة الاجتماعية في الوصول الى المجتمعات الفقيرة جدا، والتي تضم الاسرة فيها من 6 الى 8 اطفال اغلبهم لا يكملون دراستهم، اذ يقوم الاخصائي الاجتماعي على تغيير المفاهيم عبر جلسات مع تلك الاسر، واقناعهم بقدرة الفتيات في الاسرة على تقديم المساعدة للاسرة عن طريق عملهن بالخياطة او الطبخ أو غيرها من المهن المقبولة اجتماعيا .

ويقول ان الاسر الاردنية بشكل عام تفضل الخادمات غير الاردنيات نظرا للتضخم في (مفهوم السترة) ؛ اذ اننا نصر على عدم خروج اسرار البيت الى الجيران والمعارف ، وان اي تهديد لموضوع الخصوصية يخوفنا بحجة ان بنت البلد ستنقل احوالنا داخل المنزل الى الخارج ، مؤكدا على ان ذلك يحتاج الى تضحية باشياء كثيرة مقابلها ، الامن الاسري .

مدير احد مكاتب استقدام الخادمات محمد الزعبي يقول انه يتم استقدام الخادمات ضمن الاتفاقات التي تمت بين وزارة العمل ودول معينة مثل (الفلبين وبنغلادش وسيريلانكا واوغندا وغانا) وفق عقود محددة تم تعميمها على المكاتب من قبل وزارة العمل ، ويتم استقدامها حسب الطلب.

ويضيف انه يتم تقديم طلب لاستقدام الخادمة وفق شروط يطلبها المواطن كخبرة معينة، او اتقان اللغة الانجليزية، او تحديد العمر وغيره، حيث يحتاج وصول الخادمة الى ستين او سبعين يوما ، ويقوم المكتب بتجهيز العقود ، واتمام معاملة الخادمة من الجهات المعنية الى حين وصولها .

ويقول ان العقد يحتوي على قيمة الرواتب وتأمين المسكن والمأكل وتصريح العمل واذن الاقامة، بشروط ابرزها ان لا يتم الاعتداء عليها بالضرب والحفاظ على ديانتها، مشيرا الى ان الرواتب يجب ان لا تقل عن (400 دينار للفلبينية ،و225 دينارا للاوغندية ، و200 دينار للبنغالية ، و250 دينارا للسيريلانكية).

ويشير الى ان ابرز الشكاوى تتعلق برفض الخادمات العمل، ورفض الاكل، كما تشتكي بعضهن من ان فترات العمل طويلة وبدون استراحة .

وتشير الاحصاءات المتوفرة لدى ادارة المعلومات الجنائية في مديرية الامن العام الى ان الجرائم المرتكبة من قبل الأجانب في المملكة مصنفة حسب نوعها لعام 2015 انخفضت الى نحو 43ر18 بالمئة عن العام 2014 ، وشملت الجنايات والجنح التي تقع على الانسان، والجنايات المخلة بالثقة العامة، وجرائم تقع على الاموال، والجرائم التي تقع على الإدارة العامة، والجرائم التي تشكل خطراً على السلامة العامة، والجرائم المخلة بالاخلاق والاداب العامة، فيما شكلت الجرائم التي تقع على الاموال النسبة الاعلى من الجرائم اذ وصلت الى 71 ر72 بالمئة .

وشهدت الجرائم المرتكبة من قبل الاجانب انخفاضا ملموسا بين عامي 2014 و 2015 ، فقد انخفضت جريمة الشروع بالقتل الى 8 بالمئة، وجريمة القتل العمد الى 12 بالمئة، والقتل الخطأ الى 33 بالمئة .

نقيب مكاتب استقدام واستخدام العاملين بالمنازل من غير الأردنيين خالد الحسينات يقول ان الخادمات العاملات في الاردن من جنسيات بنغالية وسيريلانكية وفلبينية وغانا واوغندا، مشيرا إلى ان المشكلة الرئيسية التي تواجه هذا القطاع هي الهروب.

ويشير إلى وجود خلل في تشريعات قانون الاقامة وقانون العمل، قائلا “اننا نطالب دائما في حالة رفض الخادمة العمل ان يتم نقلها من كفيل الى اخر ويتم تعويض الكفيل الاول من المكتب” .

ويطالب بفرض عقوبة على المواطن الذي يقوم بتأجير الخادمة الهاربة بيته، وعقوبة اخرى على من يقوم بتشغيلها مرة اخرى، ويقول ان كل خادمة من هؤلاء تقوم بتهريب مجموعة اخرى من الخادمات على مدى سنة مثلا ، وليس هناك عقوبة رادعة على من يؤجر او يشغل او حتى على نفس العاملة، اذ تصل عقوبة التشغيل والاقامة الى 250 دينارا في حدها الاعلى.

ويقول ان قيام الخادمات بممارسة العنف او التعرض للعنف لا يشكل ظاهرة في بلادنا، مبينا انه يوجد حالات تم التعميم على الخادمة واتهامها بالسرقة، علما بان تهمتها الحقيقية هي الهروب ورفض العمل .

ويشير الى وجود خلط بين المكاتب المرخصة وغير المرخصة والتي تعمل تحت مسمى خدمات عامة، وبما انه لا يوجد عقوبة رادعة فان المكاتب المخالفة تدفع الغرامة وتكمل عملها الذي يتركز اصلا على العمل مع الخادمات الهاربات عن طريق توفير العمل بالمياومة .

ووفقا لمديرية العاملات في المنازل في وزارة العمل فقد تم توجيه 29 انذارا لـ 27 مكتبا مخالفا، واغلاق سبعة مكاتب وسحب ترخيص 20 مكتبا اخر .بترا