إربد مهوى القلب ووجعه!! / كاظم الكفيري

إربد مهوى القلب ووجعه!!

كاظم الكفيري

من الشجرة مسقط الرأس إلى الرمثا وحتى اربد وبالعكس، سلكت منها وإليها – ولازلت – درب السالكين في حبّها وعشقها، ونبض قلبي ينبض فيها وباخواتها من قراياها وحواريها وشوارعها العتيقة والحديثة، ومن مقاهي اربد وجلساتها تعرّفت على خيرة الأبناء البارّين بأمهم إربد. على مدار ثلاثين عاماً ويزيد عايشت وجع اربد وأحلامها حتى غدت وجعي وحلمي في آن وهي تتراجع رويداً رويداً، برغم الجهود المبذولة من المجالس البلدية الا أن امكانيات البلديات لم تستطيع ملاحقة التوسع العمراني وزيادة عدد السكان، واستيعابها لحركة السكان الواصلين إليها.

أتحدث عن بعض ما يدور في ذهني من هواجس ومخاوف على المدينة والمحافظة برمتها وأسجل سلفاً أن المدينة حظيت باهتمام ملكي فريد الا أن التجاهل الحكومي لايزال يراوحها،
وهنا أعود إلى الماضي القريب عندما شرعت حكومة مضر بدران بالاستثمار في امكانياتها البشرية والطبيعية ودعم اقتصادها الناشئ وهو ما اوجد بيئة متميزة وخاصة مع انشاء جامعة اليرموك، التي كانت أسهمت في تدعيم الحركة التعليمية لأبنائها وبناتها وبقيت على امتداد السنوات تعج بالمؤتمرات والطلبة من الخارج والداخل من خلال السمعة الطيبة للعلماء الاجلاء فيها والاساتذة الكبار فكان خريجوها من افضل المتعلمين وقدموا لوطنهم أنموذجاً ناحجاً في وظائفهم ومهامهم وادوارهم، وعملت الحكومة انذاك على تنمية المحافظة بايصال الكهرباء وتحسين شبكة الطرق ودعم البنية التحتية في جميع مناطق المحافظة، مما ادى إلى تحسين اقتصادها ودعم القطاع الحرفي وتطوير قطاع السلع والخدمات وسوق العقارات نتيجة زيادة السكان..
الان الأمور تغيرت واصبحت الجامعات حالياً تفتقد الى مراكز قادرة على استقطاب المشاريع البحثية واصبحت مهامها التدريس على قاعدة قل كلمتك وامض، ودعني اعود الى الماضي كيف كانت لجامعة اليرموك دورها الأبرز في مهرجان جرش للثقافة والفنون عندما كان مهرجان ثقافي وحضاري بالمعنى الحقيقي للثقافة والابداع والتراث العالمي وتسويق وطننا للعالم. واستذكر موظفاً ادارياً مثل المرحوم فهد قاقيش الذي رفد المحافظة ومدن كثيرة بالمملكة بالمتطوعين من طلبتها غارساً فيهم حب وطنهم والانتماء اليه، وعندما ارى الاشجار الوارقة الجميلة والتى زرعتها ايادي ناعمة وايادي شباب زرع الانتماء عندهم استغرب كيف تراجع دور الجامعة فيها بدورها في المجتمع، الذي يعود في الأصل الى تجاهل حكومي في دعم استقلال الجامعات وحصرها في ابحاث لا تفيد المجتمع وهي فقط لغايات الترقية وحسب.

اعتقد ان التجاهل الحكومي في الاستثمار بالانسان الاردني في اربد وغيرها من مدن المملكة وعدم الاهتمام الكافي بتاريخها ومواقعها السياحية اربد يجب أن ينتهي، وأن ايجاد تشريعات خاصة تسمح باستقطاب صناعات كبرى تتعلق بتكنولوجيا المعلومات والسيارات وغيرها هو حل لمعظلة الركود الذي تعاني من المدينة القصبة والمحافظة بمجملها. اعتقد ان الامر سهل لما يتمتع جلالة الملك من سمعة وثقة دولية وعلى الحكومة ومجلس الامة ايجاد التشريعات التي تخفف من القيود والضرائب والرسوم والتي يتم مقابلها تشغيل المئات من المتعطلين عن العمل والذي هو في زيادة مضطردة والتشغيل والاستثمار هما عنوان المرحلة القادمة كما انهما متلازمتان واعادة الاعتبار الى مدينة الحسن الصناعية والتي قد لا يبقى منها سوى قارمة دون صناعة !

الحديث عن اربد وأوضاعها قد يطول الا أنها يمكن ان تكون كحلب ذات يوم ولا بد من ان تعود الى مجدها وألقها كما بقية مدن المملكة ومحافظاتها التي هي ايضا تفتقر إلى الاهتمام الحكومي، تطوير المحافظات سوف يخفف على العاصمة مما يعطي لمشاريعها الخدمية وتطوير بنيتها التحتية أريحية ويحقق النجاح المأمول.