بين الحاضر والماضي
راتب عبابنه
بالرجوع للوراء وبعين المتفحص والمدقق نرى اختلافات كبيرة بين ماضٍ عشناه وحاضر نحياه تصدمنا وتقلقنا، لا بل تخيفنا التقلبات الحالية لحد الرعب. لقد مررنا بأزمات ومخاطر وتهديدات، لكنها أديرت ببراعة وحكمة وإخلاص وتم خروجنا منها منتصرين سالمين.
فهل كان الرجال سابقا غير الرجال الآن؟؟ هل الظروف تغيرت أم أن رجال اليوم غيروها وعبثوا بها لتصب خيرها باتجاه اختاروه تاركين الوطن بقائمتهم ذات الأسماء المهملة؟؟ من سبقونا ليسوا أنبياء، لكنهم مجمعون أن المسؤولية أمانة وعبئ يُلزم حامله بالوفاء والإخلاص والتفاني لتتناسب مع أهمية المسؤولية والأمانة التي كانت تدفع بأولئك الرجال ليكونوا عونا على كل ما يمكنه أن يزعج ويقلق المواطن.
رأينا غالبيتهم فارقوا الحياة بلا أرصدة بنكية وبلا شركات وبلا عقارات ناهيك عمن فارقونا مثقلين بالديون. نرى “الرجال” اليوم يتقلدون المناصب خصوصا العليا منها لأشهر معدودات ويغادروا بحوزتهم الملايين بين نقد أو عقار أو أراضين.
أليس رجال الأمس ورجال اليوم من نفس الطينة أم أن هناك ما جعل رجال اليوم مختلفون تماما عن رجال الأمس؟؟ السر يكمن في الإدارة السليمة ومدى الشعور بالمسؤولية التي هي أمانة بحد ذاتها.
الرقابة تكاد تكون معدومة والمحاسبة غائبة والفاسدون تحميهم القوانين المفصلة لتبرئتهم بدلا من أن تدينهم. الشرفاء مهمشون والوطنيون مغيبون بينما المارقون والبرامكة يتسيدون والغيارى تغلق الأبواب بوجوههم. لذلك، لا عجب أن يتراجع حالنا ويتملكنا الخوف والقلق على مستقبلنا ومستقبل الوطن.
ولا عجب أن ننزع للماضي الذي نرى به ملاذا آمنا نتمنى أن يعود للخلاص من التقلبات المهلكة التي تتعاظم يوما بعد الآخر. الماضي بحد ذاته لم يكن نعيما، لكنه لم يكن جحيما. وإذا قارناه بالحاضر نرى به النعيم النسبي. ديوننا كان من الممكن التحكم بها وسدادها بوقت كانت المساعدات تفي بذلك، أما اليوم الديون تزداد وكأنها تسابق الزمن حتى تساوت مع أو تجاوزت الناتج المحلي.
الضرائب كانت ضمن المعقول والأسعار كذلك. المحروقات كانت ترتفع بعد مرور سنوات عدة بينما اليوم ترفع كل شهر وعدد الضرائب حدث ولا حرج. المظاهرات كانت نادرة جدا أما اليوم فهي متواصلة بصور مختلفة.
من ناحية حرية التعبير لم نكن كفنلندا، ولم نكن كالسعودية والسبب الإستقرار والأمان بمفهومه الحقيقي والرخاء النسبي. وكل لم يمنع وجود فساد نسبي أيضا مسيطر عليه لحد ما. أما اليوم نرى الفساد قد طال كل مفاصل الدولة ونرى المحاسبة بطيئة جدا وانتقائية بامتياز.
فهل يا ترى حرام أن نقلق لمستقبلنا؟؟ هل من التمرد أن نحاول الذود عن الوطن؟؟ هل نرتكب جرما إذا ما أشرنا لفاسد أو خائن أو متآمر أو متجر بمقدرات الوطن؟؟
ما يهمنا هو الوطن وأن نحيا حياة كريمة وكرامتنا مصانة وحقوقنا غير منقوصة وقوانيننا عادلة تنصف المظلوم وتحاسب الظالم. أليس لسان حال هؤلاء الرجال يقول أنهم يفتدون الوطن بأرواحهم؟؟ حسنا، نحن إذاً نسير على نفس خطكم. فما بالكم لا يرضيكم اهتمامنا بالوطن؟؟
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.