13
فساد على قد الحال
بقلم : وليد الجراح
لوحظ في الآونة الاخيرة تردد كلمة فساد في المجتمع وخاصة اتهام أغلب شرائح الشعب لشريحة المسؤولين منهم.
فرأيت ان من واجبي الكتابة في هذا الأمر لما يقتتضيه الواجب الديني ثم المصلحة الوطنية..
فمصطلح الفساد في المعجم هو من فسد ضد صلح والفساد لغة هو البطلان وإذا فسد الشيء بطل واضمحل
ويعرف معجم أكسفورد الإنجليزي الفساد أنه انحراف أو تدمير النزاهة في اداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة..
أما تعريف الفساد شرعًا فقد ورد في القرآن الكريم بأكثر من ٢٥ آية كلّ حسب موقعه… نذكر بعضًا منها للتوضيح:
قال تعالى لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴿٢٠٥ البقرة﴾
وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ﴿٧٧ القصص﴾
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ﴿٤١ الروم﴾
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ﴿١١ البقرة
ومن خلال تعريف الفساد لغة وشرعًا فإننا نرى أن الفساد بمفهومه العام هو التغير من الحالة المثالية إلى دون المثالية أي التغير نحو الأسوأ وهو خروج الشيء عن الاعتدال وفيه معان كثيرة ابتداء من نقض عهد الله ومرورًا بالنفاق وارتكاب المعاصي و بعدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإثارة الفتن والحروب وأكل أموال الناس بالباطل والظلم وانتهاء بالكفر بالله.
وإنني أرى أن الفساد بلغة الارقام يبدأ بنسبة 1٪ لينتهي بنسبة 100٪
ولا يمكن ان تكون نسبة 0٪ لأن ذلك يكون كمال المثالية وهو لله عز وجل وحده.
وأما أقل الفساد فيكون بالنفاق الاجتماعي وإقراره بالقلب
وأما النسبة 100٪ فيكون بالخروج عن شريعة الله والكفر به فليس بعد الكفر ذنب.
وفي واقعنا الاسلامي والذي نرى فيه أن الفساد قد عم جميع شرائح المجتمع كل على قدر حاله فنرى الغش والرشوة والمحاباة والنفاق والكثير الكثير من الصفات التي قد ظهرت على أفراد المجتمع كل حسب موقعه.
فالأصل في المسلم الحق أن تكون عقيدته وإيمانه بالله ورسوله لا تشوبه اي شائبة حتى لا تفسد تلك العقيدة وتصبح باطله ولمجرد اتهام الآخرين بالفساد دون دليل قاطع واضح البيان والمعالم فإنه إفساد للمجتمع بأكمله.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(من قال هلك الناس فهو أهلكُهم)
وهذا دليل واضح على هلاك من يدعي الهلاك للمجتمع أو من ساهم في هلاك المجتمع ،ونجن جميعُا نرى أن الكل يتهم الكل بالفساد فعلى سبيل الذكر لا الحصر….
نرى السائق يتهم جميع من في الشارع بسوء القيادة وهو ليس بأفضل منهم ونرى المعلم يتهم طلابه بعدم التربية والطلاب يتهمونه بعدم الكفاءة ،ونرى الموظف يتهم المراجعين بالهمجية وقلة الثقافة والعشوائية وهو لا يطبق القانون، ونرى شريحة كبيرة من الشعب تتهم الحكومة بالفساد والتقصير والظلم ونهب خيرات البلد ولو كان ليده الطول لكان كما اتهمهم هو بل أشد فسادًا.
وهنا تأتي الخلاصة لتقول:
إننا جميعًا فاسدون على قدر الحال وبنسب متفاوتة تبدأ من الإضرار بالنفس مرورًا بالمحيط وانتهاء بالمجتمع، فإذا أردنا النتخلص من هذا المرض فعلينا الرجوع الى العقيدة السليمة واعتبارها المقياس الحقيقي لمعرفة نسبة فسادنا ومحاولة الرجوع الى الله ورسوله لإصلاح ما فسد فينا عسى أن يستعملنا الله ولا يستبدلنا بأجيال قادمة والتي نسأل الله لهم الصلاح والهداية.
والله ولي التوفيق
وليد الجراح