ماذا تخيّر فلسطين اليوم: المقاومة العنيفة أم المقاومة الدبلوماسيّة؟
لارا أحمد
تقف فلسطين أمام خيارات تاريخية مفصلية، شكّلت أزمة كورونا ومشروع الضمّ أهمّ ظروفها وملابساتها. يصرّ البعض في فلسطين على المواجهة الشّاملة والمباشرة مع الكيان الإسرائيلي، مواجهة تتّسم بطابعها العنيف والمسلّح وهو منهج حركة حماس، في حين يتمسّك كثيرون آخرون بخيار المقاومة الشعبيّة والدبلوماسيّة السياسيّة أمام مساعي إسرائيل الاستيطانيّة الأخيرة.
بين الخيار الأوّل والثاني، ينحاز معظم المسؤولين الفلسطينيّين للمنهج الذي خطّته منظمة التحرير الفلسطينية فتح. لماذا ينحاز هؤلاء المسؤولون لخيار المقاومة الدبلوماسية والسياسية دون غيره؟ السبب الرئيسي يعود للوضع الاقتصادي الداخلي الحالي. فلسطين الآن متضرّرة لحدّ بعيد من أزمة كورونا وهي غير قادرة حسب كلّ المؤشرات على تحمّل مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
السبب الرئيسي الثاني هو رغبة المسؤولين الفلسطينيّين التعامل انطلاقاً من مقوّمات الدّولة الحديثة التي تؤمن بالمجتمع الدّولي، وتمارس دبلوماسيّتها السياسيّة من أجل تحشيد الدعم اللازم لإيقاف المشروع الإسرائيلي. من المعلوم أنّ الشريك الاستراتيجي الأوّل لإسرائيل هو أمريكا ويعود ذلك لتعدّد المصالح القائمة بين الطرفين. باستثناء أمريكا ليست هناك دول أخرى متحمّسة لمشروع الضمّ، بل إنّ نظرة عن كثب قد تجعلنا نجزم في أنّ هناك أطرافاً دولية كثيرة وازنة لا تدعم هذا المشروع. قد يخدم هذا مصلحة فلسطين في حال أجادت اللعب على هذا الحبل من أجل تشكيل ضغط على إسرائيل في اتجاه التخلي عن مشروعها الأخير. معطى أخرى لا يقلّ أهمّية عن الأوّل، وهو أنّ هناك أقطاب دوليّة صاعدة في العالم يمكن لفلسطين أن تستظلّ بها تحت غطاء مواجهة الهيمنة الأمريكية.
يعتقد البعض أنّ النضال لا يكون إلّا عبر مسك السّلاح، هؤلاء يفتقرون للخبرة السياسيّة ولأبسط مقوّمات رجال الدّولة. فلسطين الآن حسب رأي الكثير من الخبراء السياسيّين والاقتصاديّين غير قادرة على تحمّل أعباء المواجهة المباشرة مع إسرائيل، لذلك يعتمد القادة الحكماء على خيار المقاومة السياسيّة ويستثمرون كلّ مقدّراتهم للضغط على إسرائيل في اتجاه التخلّي عن مشروعها الاستيطاني.