غرغرة..
أحمد حسن الزعبي
لا يغرّد العصفور ليُطرب هو يتغرغر باللحن فقط..تفور حنجرته بالشدو ،فينثرها للريح ، لا يبحث عن تصفيق تحته أو وقوفٍ بشريّ في لحظة تأمل..هو يزقزق لنفسه ، ليحسّ أن الحياة ما زالت تصبُّ في جرار أحلامه الصغيرة…إنها غريزة البقاء..
عازف الكمان الفقير أيضاً..يغمض عينيه أثناء العزف على الرصيف ، ليحلّق باللحن في سهول الأمنيات ، لا يهمّه كم وضعوا له من نقود في القبّعة ، لا يهمّه إن وقفوا يستمعون أو يستمتعون ،أو مضواً في طريقهم وهي تشدّهم خيول أرجلهم وعربات وظائفهم اليومية ، هو يتغرغر بالموسيقى ،لينبت من بين رمشيه يوم جديد،وحلم جديد، ووتر جديد يحزّ إصبع الخشب..هو يعزف كي لا يتحجّر لبن اللحن في ضرع الكمان..
نحن لا نكتب لنُطرب، ولا نكتب لنملأ القبعة..نكتب لأن أصابعنا تغرغر بالحروف فيعضها فم التعبير إن نسيته ، نحن نكتب ليسرق العشاق بعض من عباراتنا ، أو يختارها البعض بطاقة تعريفية لمشاعرهم..نحن نكتب لأن الحياة قصيرة ،اذا لم نطرّز ثوبها بالحبر..سيحتلها عشب الصمت والسكون..
احمد حسن الزعبي
[email protected]