يوميات سالم
ج ٣، ح ٨
(قصة حقيقية)
أكرم الزعبي
– شو هاظ يا زلمه؟؟ قالت زوجة سالم باستهجان وهي تراه يحمل بعض الاشتال.
– شوفة عينك، شوية بندورة، على خيار، على فليفلة حلوة، على خس، على شوية ملفوف احمر.
– وين بدك تزرعهن إن شاء الله؟؟
– وين يعني؟؟ قُدّام البيت.
– يا زلمه قدام البيت فيه شجر زيتون، والاشتال بدها مي، والمي ما انتا عارف بتيجي مرّة بالأسبوع ويا دوووووب تكفينا.
– ما تخافي يا مَرَه، بدهن اسقيّه بالبداية بعدين بطلعن لحالهن.
– الله ربي، قالت زوجته بامتعاض وأكملت، وانت شو الله جابرك تزرع وتسقي وكل هالخضروات موجودة بالسوق ومتوفرة طازجة.
– لا إله إلا الله، قال سالم، يا بنت الحلال أنا تعلمت درس من الحكومة، نسيتي هذاك اليوم لمّا حبسونا بالبيت اربع أيام بأول حظر تجول، وبعدها انقطعت الخضرة من السوق!! من يومها قررت أرجع للأرض، وبعدين بدل ما أظل اشتري خضرة من السوق بتصيري تتناولي اللي بدك اياه وتطبخي، ولا سماد ولا هرمونات.
تضحك زوجته وتقول :
– الله يقطع شرك،،، يا زلمه أي ارض اللي بدك ترجلعها واحنا ساكنين بالإيجار والأرض اللي قدام البيت مش النا.
– استأذنت من صحابها وحكولي أزرع شو ما بدي، انتي اطلعي من راسي وسكري الباب.
– طالعة طالعة، تا اشوف آخرتها معك.
………..
أمسك سالم هاتفه الجوال وصوّر الاشتال التي أحضرها، ثم حمّلها إلى حسابه الشخصي على الفيس بوك وكتب فوقها :
(ويلٌ لأمة تلبس مما لا تصنع، وتأكل مما لا تزرع.
قررت بإذن الله العودة إلى الأرض والاكتفاء الذاتي من الخضروات).
…………
في صباح اليوم التالي قام سالم بزراعة اشتاله، ثم سقاها بدلو ماء، ولمّا لم يكن كافياً، قام بإحضار دلو آخر، ولأن لياقته البدنية (على قد حاله) فقد شعر بتعب شديد، لكنه كان سعيداً جداً بإنجازه.
في الصباح الذي يليه قام سالم لتفقّد (مزرعته)، فرأى بعض اشتاله قد ذبل وكأن الماء لم يصلها أبدا، وبعضها الآخر (ماشي حاله).
أصيب سالم بخيبة أمل، ودخل البيت غاضباً.
– وجهك مش الك يا سالم، شو فيه؟؟
– قال بدي ازرع قال، اللي بدي اوفرهن ثمن خضرة رح ادفعهن ثمن مي، شو اللي موجع راسي، اشتري الخضرة من السوق اريحلي.
-مانا حكيتلك من الأول، لكن انت بتموت ع المجاكرة.
……………….
بعد مرور شهر
……………….
سالم صاحب مبدأ ويحترم كلامه دائماً، ولانه لم ينسَ أنه صوّر اشتاله، فقد أحضر بعض الخضروات من الثلاجة وقام بتصويرها، ومرّة أخرى قام بتحميلها إلى حسابه الشخصي في الفيسبوك وكتب فوقها (أول الغيث قطرة، إنتاج الشتلات التي زرعتها قبل شهر، ويل لأمة تأكل مما لا تزرع).
يوميات سالم ح8 / أكرم الزعبي
32