13 ملاحظة على جريمة الرابية / محمد داودية

13 ملاحظة على جريمة الرابية
محمد داودية
جريمةُ إطلاق النار بوحشية مفرطة على «الأَغيار» العُزّل، هو سلوكٌ يقارفه جيش الاحتلال والعدوان والعار الإسرائيلي بتكرار وانتظام. هذا هو السلوك «التقليدي»، لنَسلِ مرتكبي المذابح ولسُلالة الوحوش، الذين ادمنوا اطلاق النار ببساطة، كأنهم في لعبة اتاري، على الفلسطينيين في شوارعهم وعلى الجنود المصريين الاسرى العُزّل في صحراء سيناء وعلى الرّكع السجود في الحرم الإبراهيمي وفي كل مكان.

اعتاد جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكابَ المجازر والافلاتَ من العقاب، وحتى الخروج من الجرائم الموصوفة، ابطالا ظافرين فخورين، كما حوّل نتنياهو الضابط الإسرائيلي القاتل الذي اغتال بدم بارد، ابنينا الشهيد محمد زكريا الجواودة الدوايمة والدكتور بشار كامل الحمارنة.

لقد ووجهت هذه الجريمةُ النكراء بغضبٍ شعبي نبيل عارم وبسخط وطني واسع مستحق، لأن الجريمة مسّت من حيث المبتدأ والمنتهى، الهيبةَ والسيادةَ والكرامة الوطنية، مسّا جارحا عميقا.

وأسجل هنا في حضرة الشهيدين المظلومين هذه الملاحظات:

أولا: لو ان الشاب الدوايمة ذهب بقصد القتل لكان حمل سلاحا، سكينا او مسدسا. حتى انه لم يكن يعرف انه ذاهب الى شقة مستأجرة من قبل شخص يعمل في السفارة الإسرائيلية.

ثانيا: أيضا فإن الدكتور الحمارنة صاحب الشقة المؤجرة، لم يكن يشكل خطرا على القاتل. فلم يكن يحمل مفكا ولا مبضعا، وكما تذهب اقرب الشروحات الى التصديق، فانه سارع الى محاولة انقاذ الشاب الدوايمة فأرداه القاتل فورا كي يطمس كل اثار جريمته الوحشية.

ثالثا: لا مؤشرات على أن القاتل تعرّض للطعن من الشاب الدوايمة، بدلالة انه لم يدخل المستشفى، لا عندنا ولا في إسرائيل. فقد هاتفه نتنياهو وهو يعبر جسر اللنبي يمازحه ويحدثه عن صاحبته. ولم يحدث انه استفسر منه عن اصابته!!. كما ان نتنياهو استقبل القاتلَ في مكتبه، بحضور السفيرة الإسرائيلية، وتبين الصورُ التي رأيناها، انه معافى. علاوة على ان صورا أخرى نشرت تبين القاتل مع صاحبته فَرِحا مرتاحا في اخر انسجام.

رابعا: لو ظل الضابط القاتل في مبنى السفارة الإسرائيلية، لحاصرت أمواج وامواج من أبناء الشعب الأردني الساخطين الغاضبين، السفارة الإسرائيلية، ولغصّت بهم منطقة الرابية ولاختنقت شوارعها بالاردنيين المطالبين بالانتقام والثار وبرأس الضابط القاتل وكل طاقم السفارة الإسرائيليين.

ولولا القرار السياسي بإخراج طاقم السفارة الإسرائيلية لجرت محاولات متلاحقة متكررة لن تتوقف، لاقتحام السفارة الإسرائيلية، ولوقعت صدامات مخيفة مرعبة، مع جنودنا الموكل اليهم حماية السفارة، لا يمكن التنبؤ بحجمها ولا بعواقبها الوخيمة.

ولولا اخراج كل طاقم السفارة الإسرائيلية من الأردن، لكان الشباب والشيب والنساء يحاصرون الآن السفارةَ الإسرائيلية، دون التفات الى اتفاقية فيينا التي تُوجب وتفرض حمايةَ الدبلوماسيين. ولجرت محاولاتٌ ضارية من أبناء شعبنا لاقتحامها. ونستذكر في هذا المقام حصارَ السفارة الامريكية في طهران سنة 1979 لمدة 444 يوما.

خامسا: نتنياهو يشكر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لدوره في المساعدة على اخراج طاقم السفارة الإسرائيلية من الأردن. هذا الشكر يعني أن الرئيس الأمريكي ترامب اتصل متوسطا وهو اتصال حليفنا في حربنا على الإرهاب واتصال معيننا الاقتصادي الأكبر.

سادسا: كان يجب على وزارة الخارجية نشر (او تسريب) القائمة الدبلوماسية التي تتضمن أسماء الطاقم الدبلوماسي الإسرائيلي التي تبين أن الضابط القاتل مسجلٌ لدينا كدبلوماسي. لقد تاه الرأيُ العامُ طويلا وهو يظن ان الضابط القاتل رجل امن وليس مصنفا كدبلوماسي وظنوا انه لا يتمتع بالحصانة الدبلوماسية.

سابعا: كانت اكبر العوامل الباعثة على التوتير والسخط والغضب هو استفزاز زعيم الحرب والعدوان الإسرائيلي نتنياهو، الرأيَ العام الأردني ايّما استفزاز، بخفته وغطرسته واستهتاره واستعراضه وتعمده الانتقاص من الأردن وتوتير الأجواء العامة فيه، حين نشر صوره مع الضابط القاتل واذاع تسجيل المكالمة الصوتية معه، معليا تطلعه الى تحقيق اهداف انتخابية وسياسية له ولحزبه، على ارتدادات سلوكه الارعن المتباهي. لقد رفعه نتنياهو الى مصاف الأبطال .

ثامنا: استوجبت هذه الجريمة النكراء اعتذارا وبيانا إسرائيليا رسميا والاعلان عن احتجاز الضابط القاتل في السجن مع وعد بالتحقيق معه لا بالطلب منه المسارعة الى لقاء صاحبته واستقباله برفقة السفيرة وكأن نتنياهو قد حرره.

تاسعا: استمعنا الى مذيع الجزيرة وهو يقول: «تم تهريب الضابط القاتل او هرب لا يهم»، في محاولة خبيثة معتادة متوقعة من «الجزيرة» للإيحاء بأن الأردن « فلّة حكم» وفوضى. لا لم يتم تهريب القاتل ولم يتمكن من الهرب.

عاشرا: تم إخراج طاقم السفارة الإسرائيلية ومعهم الضابط القاتل من السفارة وتم اصطحابهم الى جسر اللنبي ترافقهم حراسة اردنية كافية لضمان سلامتهم. فنحن دولة ولسنا جمهورية موز.

حادي عشر: ستتم محاكمة الضابط القاتل في إسرائيل، ويجب ان لا يذهب دم ابنائنا هدرا. وعلى حكومتنا ان تكلف المحامين المختصين لفضح جرائم إسرائيل وفضح سلوك رئيس وزرائها الذي احتفى بالقاتل وشد على كلتا يديه وهما تقطران دما اردنيا مظلوما بريئا.

ثاني عشر: قدم شعبنا اعلى التقدير والمواساة والتضامن مع اسرتي الشهيدين الحمارنة والدوايمة اللتين كانتا نموذجا في الاتزان والرشد والوطنية وفي رد الفعل الذي تفادى الإساءة الى النظام العام والممتلكات العامة.

ثالث عشر: قرأنا كتاباتِ عنفٍ لفظي خطير وتطاولا في وسائل التواصل الاجتماعي على كل رموز بلادنا وعلى مؤسساتنا. لقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ساحة تصفية حسابات مع الوطن ومع الاخرين.