قلاعة عدس/ رائد عبدالرحمن حجازي

قلاعة عدس

رائد عبدالرحمن حجازي

مفضي والملقب (بالزقطة) لصغر حجمه لم يخرج للعمل كالمعتاد في موسم قلاعة العدس , وها هو يتوسد مسنداً من القش وأمامه دلة القهوة وأشعل سيكارة هيشي وراح يقصّد قصيدة يشكو بها حاله من قلاعة العدس . سمعته زوجته فضة التي لم يروق لها هذا الحال , وخصوصاً أن مفضي ليس له أرض خاصة ليفلحها كما هو الحال مع معظم سكان القرية . فعمله عند أصحاب الأراضي حسب المواسم . مثل قطف الزيتون , قلاعة العدس , تحويش الخضروات والفاكهة , تعشيب , ونكاشة وخلافه .
فضة تدرك أن جلوسه بدون عمل وخصوصاً لفترات طويلة سيؤدي بالنهاية لضعف الوفر المالي لديهم وبالتالي ستضعف القوة الشرائية في بيتهم بشكل عام . لذلك راحت تلومه على جلوسه بدون عمل .
فضة : شايفك اليوم مريح ومرخي بتة
مفضي : والله أني تعبت من قلاعة العدس وانهد حيلي , قلت يا ولد ريّح حالك من هالسولافة وشوف لك شغلة ثانية أريّح وأربّح
فضة : ئي اسمعوا على هالسولافة ! دخلك هو في شغل بالدنيا بريّح ! مهو كل الشغل تعب وشقى ولعانة حُرسي
مفضي : يا مستورة مهو صحتي عقد حالها وبطل جسمي يتحمل لعانة الحُرسي , وبالنسبة للأكل والشرب لا تخافيش ربك بيسرها
فضة : خوف الله انك هسترت , دخلك على شو مرتشن ؟
مفضي : يا حرمة بالله عليتش ادّشّريني بحالي
فضة : عزا تشيف بدي أدشّرك بحالك ! ومن وين بدنا نتدلّق ونشرب ؟
مفضي : لا تخافيش في براسي موال وبدي أغنيه
فضة : وشّو هالموال يا بعد عمري , هو ظل بيها مواويل ! هاظا أنت قاعد على قهوتك ودلالك وبتهيجن بعد
مفضي : أني من اليوم وطالع والله … والله ما بدير ايدي بتشف عدس
فضة : لعاد شو بدك تسوي يا فطحل زمانك !
مفضي : بدي أصير أشتغل بحصيدة القمح .

لا تتعجبوا من قرار مفضي بالتحول من قلاعة العدس لحصيدة القمح .

قبل أيام طالعتنا بعض المواقع الإخبارية بخبر سار ( نعم خبر سار) وهو بأن قوة الجواز الأردني ارتفعت عالمياً بمقدار 4 درجات حسب المؤشر العالمي لقوة الجوازات . حيث قفز من الترتيب 74 ليصبح ترتيبه 70 من بين 190 دولة يسمح بدخولها دون تأشيرة . وأنا مَعاذَ الله أن أسخر من هذا التقدم . ولكن أستغرب من الإعلام من وصفه لهذا الخبر بالخبر السار . يا تُرى هل سينعكس السرور عند المواطن بهذا التقدم على زيادة في الراتب أم تخفيض الأسعار والضرائب أو إيجاد فرص للعمل بشكل واسع أو تأمين صحي شامل أو تعليم جامعي مجاني . إن كان هذا هو مقياس السرور للمواطن من وجهة نظركم . فذلك يعني بأنكم ستنتقلون بنا من قلاعة العدس لحصيدة القمح