لم يعد يعنينا ! /سهير جرادات

لم يعد يعنينا !
سهير جرادات

أظهر التعديل الحكومي الأخير الذي اجراه الرزاز على حكومته ، أن التعديل، أو التغيير في التشكيل الحكومي أمر لم يعد يعني المواطن الأردني ، الذي فقد الأمل في تحسين الأوضاع ، بعد أن أصابه الإحباط أثر خيبات الأمل المتلاحقة التي تعرض لها ، حتى تملكه الإحساس بالفشل من تحقيق ابسط احلامه ، و سكن القهر قلبه على وضعه الذي لا يتحسن ، مما افقده القابلية للحياة والاقبال عليها .

لم يعد يعنينا ، طالما أن التشكيل او التعديل يعتمد الطرائق التقليدية في اختيار الفريق الوزاري التي تستبعد الكفاءات لصالح الشللية والمحسوبية ، والأسماء التي تفرض على الرئيس ، وتأتي “مبكتة” جاهزة .

لم يعد يعنينا ، لأن المواطن أدرك أن الحكومات تلجأ للتعديل في محاولة منها لإلهائه عن واقع الحال ، وتشتيت انتباهه عما يحدث داخليا وخارجيا، وذلك بتداول بورصة الأسماء ، وفتح باب التكهنات والتوقعات ، و طرح التحليلات ، بقصد شراء مزيد من الوقت للحكومة ، لتتمكن من مواجهة التحديات ، وكسب التأييد والتعاطف الشعبي .

رغم أن الحكومة تعلل موجبات تعديلها باستحقاقات المرحلة المقبلة ، ومواجهة التحديات ، الا أنها لم تخبرنا عن هذه التحديات وماهية المرحلة المقبلة ، وما حقيقة ما يدور من حديث حول مواجهات عسكرية قريبة ، وتعرض الاردن لتدخلات عربية واجنبية في شؤونه الداخلية ، على أثرها شهدنا إقالات في جهاز المخابرات ، وإعادة هيكلة في الديوان الملكي والقوات المسلحة ، والان التعديل الموسع على الحكومة ، الى جانب ما يدور من حديث حول تغيرات ستطال قيادة الجيش وسلاح الجو، وإعادة تشكيل مجلس الأعيان ، ووضع قانون انتخابات جديد تمهيدا لحل مجلس النواب ، وإجراء انتخابات نيابية جديدة ، الأمر الذي يبقي المواطن بعيدا عن الاطلاع على حقيقة هذه التحديات ، وتبقى معلوماته لا تتعدى التخمينات والتسريبات ، والأقاويل .

مما يدخل المواطن في حالة من الرعب والترقب من المقبل ، وبالتالي يصبح اكثر تقبلا للرضوخ بما زال مجهولا لديه ، ويضعه أمام تساؤل: هل الحكومة تريد ان تبلغنا : بأننا وصلنا الى مرحلة تنفيذ بنود” صفقة القرن ” ؟ في الوقت الذي ما زلنا نجهل فيه حيثياتها وماهيتها !

لم يكن هذا التعديل مفاجئا للمواطن الذي أدمن على “أبر التعديل المهدئة “، التي تحاول بث روح التفاؤل في الجسد الميت ، كما لم يرتق هذا التعديل الى مستوى الاحاجي والالغاز التي يتم وضعها في محاولة لتسلية المواطن ، فلم يعد التعديل يتعدى قراة سير الوزراء الجدد وخلفياتهم والمرور عليها مرور الكرام حالها حال برجك وحظك اليوم ، فكلاهما لا يتعديان التنفيعة للمنجم ، ولمن (توزر )في الحكومة على حد سواء .

لم يعد ( التعديل ) طبقا شهيا ، لا للعامة ولا السياسيين ، فلم يعد يتعدى سهرة رمضانية للحديث عن التحليلات المحبطة للتعديل، وعمليات طرح الأسماء الخارجة والداخلة وربطها بالعلاقات والصداقات والنسب ، ولا يتعدى الأمر معرفة لماذا دخل ولماذا خرج ؟ والأسباب الموجبة للتغير ، ليعود في نهاية التحليل ، ونهاية التعليلة الى الحديث عن مقدار نسبة زيادة الإحباط لديه مع كل ( تعديل ) تقوم به الحكومة .

لم يعد يعنينا ، تعديل أم تغير ؟، لأن الأمر بالنسبة للمواطن الأردني لا يتعدى تداول خبر عن تشكيل حكومة .. فتعديل .. وتعديل .. وتعديل ، وإعادة تشكيل ، فتكليف وهكذا .. والحال على ما هي عليه ..

وعلى الحكومة ان لاتظل تراهن على” لم يعد يعنينا “، فالمواطن يصبر، ويصبر ، ولكن” لصبره حدود!!”.

Jaradat63@yahoo.com