الاردن “الغارمات” والحل والحقيقة غيير؟!/ د. محمد جميعان

 الاردن “الغارمات” والحل والحقيقة غيير؟!

د. محمد جميعان

   ما كان يقال وامتلأت به مواقع التواصل الاجتماعي حول سجن الغارمات وانهن يقبعن في السجون تبين الان انه محض تهويش مقصود لغايات لم تعد خافية على احد ، وانها حملات اعلامية موجهة للمانحين والمتبرعين واولي النفوذ لدعم شركات ومؤسسات اقراض المرأة لا غير ، وان هذه الحملات لم تتخطى اصحاب هذه الصناديق المقرضة والقائمين عليها لاستمرار ادامة مؤسساتهم وصناديقها ، التي تبين وللاسف انها لا تخضع لرقابة البنك المركزي وان ضوابطها ضعيفة ، وانهم استخدموا التسويق والاستدراج والوعود لاقناع زبائنهم من النساء بالحصول على قرض ميسر لديهم ، في ظل تعدد هذه الصناديق التي اصبحت تتنافس في جلب هؤلاء النسوة لتصبح ضحايا تلوكهن مواقع التواصل بانهن سجينات وغارمات وما الى ذلك ؟!

    نعم لقد تبين ان عدد السجينات لا تتعدى ثلاثة حسب ما اوردته مواقع التواصل على لسان البنك المركزي ، وان الثلاثة هذه لا تنطبق عليهن معايير الغارمات ، ولا يخضعن تحت ما يدور الحديث حوله في هذا الموضوع؟!

    اذن نحن امام قضية راي عام تختلف كليا عما اشيع في السابق من سجون وغارمات وتم التهويل واللطم حوله ، لنصبح امام قضية راي عام مليئة بالجشع واكثر حنقا وريبة ودافعية للحديث فيها، حتى ان هناك من يعتبرها شبهة فساد وهناك من تعتبرها قصة فساد جديدة وفاقعة من العيار الثقيل، تتعلق بمؤسسات وصناديق ربحية ذات ارباح عالية فاحشة جشعة خلافا للفلسفة التي وجدت من اجلها، وان ما حصلت عليه من اموال من مانحين ومتبرعين ومؤسسات اوربية وغيرها لغايات دعم المرأة الاردنية ومساعدتها للنهوص بالمجتمع في مهن صغرى تعيل اسرهن ، على ان يتم تهيئة الظروف التي تتطلب تأهليهن حرفيا لهذه الاعمال وفي اطار ضوابط انسانية تساعدهن على ذلك ، وعلى ذلك قامت الدولة من جانبها بدعم هذه الصناديق ومساعدتها واعفائها من كافة الضرائب وتبعاتها،

   ولكن وللاسف، ان القائمين على هذه الصناديق جعلوا منها تجارة موغلة في الفحش والاستغلال وبعيدة عن الضوابط الانسانية ورقابة مؤسسات دولة ، وفي ظل هذا الغياب تحولت مشاريع المتبرعين الانسانية والدولية من عمل يساهم في تاهيل المرأة الاردنية ومساعدتها بالنهوض ونهوض المجتمع معها ، الى ملفات قضائية واحكام معدة للتنفيذ لتكون سطوة وقهرا لتلك النسوة التي حصلت على قرض بعد ان تم  تسويقه لهن واقناعهن به بكل السبل ، واذ بهن تلوكهن الالسن على يد هذه المؤسسات واصحابها خلافا ومناقضا تماما للغاية التي وجدت من اجلها هذه الصناديق ؟!

وعليه ولما آلت اليه امور هذا الملف الذي يثير الغثيان فاني ارى ما يلي :

1- وقف عمل هذه المؤسسات والصناديق لحين البت في امرها وتسوية اوضاعها كافة بما فيها وضع معايير وتراخيص واليات عمل وتفتيش كامل باشراف البنك المركزي .

2- تحويل هذا الملف للتحقيق من قبل لجنة قضائية وجهات اختصاص والبنك المركزي لاعادة التدقيق والتحقيق في مجريات ما حصل وما الت اليه الامور لغاية الان.

3- تأجيل دفع اية مبالغ مالية لحين البت فيها ، علما ان من شان هذا الحل المجزأ ان يفتح ابواب اخرى من المطالبين بسداد قروضهم باعتبارهم اصحاب اولوية من المزارعين والمتعطلين عن العمل والمتقاعدين العسكرين وآخرين لا مجال لذكرهم هنا.

4- وقف هذه القضايا بحق المقترضات وقفا تاما من المطالبات اساسا وحتى التنفيذ ، باعتبار ان ما كان يجري مخالف للقواعد والاسس التي حصلت عليها الاموال ومخالف لفلسفة استحداثها وكذلك مخالف للانظمة وبعيدة عن الرقابة والضوابط سيما البنك المركزي وتعليماته والية عمله.

اننا امام حديث اصبح متشعبا ومتداخلا ومدار لغط وتداعيات ، واخذ هذا الملف من اساسه ، ارى انه اقرب للحكمة واصوب للحل.

كاتب اردني

drmjumian7@gmail.com