كيف يمكن أن نقرا تغريدة ترامب بالاعتراف بضم الجولان السورية لإسرائيل؟/عمر الرداد
مشاركة
كيف يمكن أن نقرا تغريدة ترامب بالاعتراف بضم الجولان السورية لإسرائيل؟
عمر الرداد
يواصل الرئيس الأمريكي عبر موقع التواصل المعروف”تويتر” بالإعلان عن قرارات مصيرية وحاسمة “تغريدات”حول الشأنين الداخلي والخارجي الأمريكيين،آخرها التغريدة المتضمنة الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة عام 1967″ بعد 52 عاما،حان الوقت للاعتراف الكامل من الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان”.
تغريدة ترامب قوبلت برفض عالمي من قبل الأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي إضافة للجامعة العربية،ومن قبل أهالي الجولان المحتل، الذين سبق ورفضوا تسلم”الهويات” الإسرائيلية وفقا لقرار إسرائيلي عام 1981، وتتردد على نطاق واسع في المنطقة وأوساط غربية شكوك حول جدية الرئيس ترامب في إنفاذ مضمون تغريدته، في ظل إدراك بان هذا الإعلان غير بعيد عن السياقات التي تشهدها الساحة الأمريكية الداخلية، والتطورات التي تشهدها المنطقة وعلى النحو التالي:
أولا:دعم حملة نتنياهو الانتخابية في الانتخابات الإسرائيلية المقرر إجراؤها في التاسع من” ابريل” القادم، لدرجة ان دعوة ترامب بضم الجولان، قوبلت بتحفظ من قبل الأحزاب الإسرائيلية المنافسة لنتنياهو،ليس رفضا لضم الجولان،وإنما لكون دعوة ترامب تصب في مصلحة نتنياهو،في هذه المرحلة، خاصة وإنها جاءت بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي الى إسرائيل ولقائه مع نتنياهو وتأكيده على الخطر”المشترك” الذي تمثله إيران في المنطقة، فيما أسهم إطلاق صاروخين”غير معروف مصدر إطلاقهما” من غزة، في زيادة شعبية نتنياهو وتأكيد مزاعمه حول التهديد الإيراني عبر غزة، من خلال حماس والجهاد الإسلامي،اللتين أعلنتا عدم مسؤوليتهما عن إطلاق الصاروخين.
ثانيا: الدعوة لاعتراف أمريكي بسيادة إسرائيل على الجولان، تأتي في سياقات ما تردد في تسريبات إعلامية وأوساط غربية، بان صفقة القرن تتعدى القضية الفلسطينية، وتشمل سوريا،ودول الخليج في إطار ما يوصف بالسلام الإقليمي، وان ضم الجولان سيكون مقابل تنازلات”مؤلمة” يفترض ان تقدمها إسرائيل للفلسطينيين،لطالما تحدث عنها ترامب،وبالتزامن مع تسريبات حول “تبادلات” واسعة للأراضي في الاقليم تشمل: الاردن،سوريا،السعودية ومصر، ويعتقد أصحاب هذا السيناريو أن إعلان ترامب بضم الجولان يتجاوز مسالة الانتخابات الإسرائيلية ودعم نتنياهو.
ثالثا:يرتبط إعلان ترامب بحسابات أمريكية داخلية، بعد الضغوط والشكوك التي يتعرض لها من قبل الأغلبية الديمقراطية، في ملفي” التدخل الروسي لصالحه في الانتخابات الأمريكية، ومواجهة قراراته في قضيتي: مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ووقوفه الى جانب القيادة السعودية،وإفشال مشروعه بإقامة جدار بين الولايات المتحدة والمكسيك،إضافة لقضايا أخرى ذات طابع اقتصادي واجتماعي” وبإعلانه الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، بالتزامن مع مؤتمر تعقده “الايباك” اليهودية، في أمريكا،الأسبوع القادم وبحضور نتنياهو، يضع الديمقراطيين أمام مواجهة مع اللوبي الأمريكي اليهودي، وبأن الديمقراطيين يعملون ضد إسرائيل،في حال رفض قرار الضم.
رابعا:يرتبط قرار الاعتراف بضم الجولان لإسرائيل بتطورات المشهد السوري،في عدة محطات أهمها:التراجع الأمريكي عن الانسحاب عسكريا من سوريا، ورفض الوجود الإيراني في سوريا باعتباره يشكل “تهديدا وجوديا لإسرائيل”،خاصة وان جولة وزير الخارجية الأمريكي “بومبيو” الحالية،والتي شملت حتى الآن،الكويت وإسرائيل ولبنان، تهدف لمواجهة التمدد والتهديدات الإيرانية للمنطقة، من هنا تبدو تفسيرات القرار بكونه سيناريو ضغط على القيادة السورية، للاختيار بين استعادة الجولان أو بقاء إيران في سوريا واقعية، خاصة وان الموقف الروسي من إعلان ترامب، جاء بصيغة “الأمل” بان لا يتم ترجمة ما قاله ترامب، وليس بصيغة الرفض القاطع،وربما هناك ما يجمع بين القرم والجولان، في مخرجات الضم بالأمر الواقع.
ورغم ان لكل سيناريو من السيناريوهات السابقة ما يؤيده من التطورات والشواهد، وما يقلل احتمالات وقوعه في الوقت عينه، إلا أننا نعتقد أن ما أعلنه ترامب ليس نهائيا، وانه جاء بالفعل في إطار الضغط على إيران والرئيس الأسد، بالتزامن مع تراجع “عربي” عن فتح السفارات العربية في دمشق، وعودة سوريا للجامعة العربية، وخدمة لنتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية القادمة.