هل أَينَعَ ربيع العرب ؟! / بسام الياسين

هل أَينَعَ ربيع العرب ؟!

بسام الياسين

لا بد من المجاهرة بالحقيقة ـ ولو على قطع الرقبة ـ ،خاصة،اذا كانت تصب في مصلحة الامة.فالنطق بالمحظور يعتبر مقاومة للظلم في ظل انظمة استبدادية لا ترحم مواطنها :ـ { ولا تجهروا بالسوء الا من ظُلم }. اذاً، لا يختلف احمقان على ان الشعوب العربية تعيش مظلومية عميقة،وتُعامل معاملة سيئة من انظمتها ،رغم انها خير الامم حيث تستأهل حياة كريمة ،وتستحق حرية تليق بانسانها كمخلوق كرّمه الله،كما ان من حق مواطنها مواطنة كاملة الدسم،بعيداً عن محاصصة المنفعة و التنفيع التي تمارسها حكومات محكومة بالفساد والتبعية،و انظمة بوليسية تطارد من يرفع رأسه، تحت تبريرات واهية، بان الشعوب العربية، غير مؤهلة للدمقرطة.ومن السخرية ادعاء الدولة العربية استقلالها في وقت تقمع مواطنها.فهل من الانصاف، ان يُعذب المواطن بايدٍ وطنية ؟!. اية مسخرة هذه ؟!.

قوى الشد العكسي المستفيدة هي الاخرى، من حالة ” الخراب “، تدعي كذباً ان بضعة زهور لا تصنع ربيعاً،وما يجري في الجزائر والسودان مجرد طفرة ستنتهي.هذه التخريجة العدمية، ثبت بطلانها.فبائع الخضار محمد البو عزيزي،صنع بقليل من الكوسا،الباذنجان،البندورة،الخيار ربيعاً هز جذور النظام العربي.كان من تداعياته، خلع زين العابدين من شروشه ونفيه الى جده في السعودية ،و اسقاط حسني مبارك ثم زجه به بالسجن ومصادرة امواله المنهوبة.الربيع العربي المنصرم،احدث تغييراً عميقاً في ذهنية المواطن العربي.اعاد رسم العلاقة بين الحاكم والمحكوم.كسر تابوهات مقدسة وحطم حواجز الخوف المعشعشة في اعماقه منذ الكرباج العثماني حتى يومنا هذا.

اعداء التغيير ينعقون على مدار الساعة،ان ربيع العرب ذهب الى غير رجعة بعد المجازر الدموية اقترفت، بحق شعوب تمردت على سفاحيها مطالبة بابسط حقوقها :ـ تداول السلطة،محاكمة الفاسدين،توزيع الثروة بعدالة. النخب المعزولة ادعت بان الشعوب الرافضة لواقعها، عادت من جوع وخوف الى زرائبها،غاية امانيها قليل من علف يقيم اودها.اكاذيب مردودة على اصحابها.فشعلة الاصلاح لم تنطفأ وان تراجعت حدتها وخفتت صرخة رفضها لكن جمرتها بقيت متقدة.دليلنا اطلالتها ثانية من الجزائر والسودان بزخم اوسع رغم احكام الطورايء والقبضة الحديدية.

لعبة البيضة والحجر انتهت.سقط حواة السياسة.افتضح امر كُتاب الاجرة بعد انتهاء وصاية الدول على فضاءات المعرفة،الاعلام،الصحافة،وانتهىاء زمن رئيس التحرير الامعة الذي يشتغل على بطارية الاجهزة الامنية،حيث ان المواطن العادي اصبح يعي بدقة ما يدور حوله، رغم طلاسم الاعلام الرسمي وتشويش تفكيره. تابو مؤسسة القمة كان ينظر اليه العوام بقداسة،اصبح اليوم يُنظر اليه كمتحف شمع للفرجة لان قراراتها منذ الهزيمة المنكرة عام 1967 حتى اللحظة حبر على ورق، كذلك صارت الجامعة العربية في نظر رعاة الابل ورعيان الماعز صالة للدروشة،وموقعاً للمناكفة،ليست سوى تكية لتنابلة السلاطين من عواجيز السياسة المصابين بتضخم بروستات وسلس بولي ؟!.

جهابذة الساسة العرب / ظاهرة شاذة / لم يدركوا ان المجتمعات العربية شبابية، يُشكل الشباب اكثر من 60% من التعداد العام، فقد بلغ تعدادهم اكثر من 100 مليون حسب احصائيات عام 2017.غالبيتهم غير راضين عن واقعهم بسبب البطالة،الحرمان ،الاحساس بالمظلومية من غياب العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة.هذا التيار الشبابي يدفع باتجاه التغيير لامتلاكه قدرات عقلية فذة،وتحكم بادوات التواصل الاجتماعي التي اصبحت قوة هائلة بايديهم رغم انتشار الذباب الالكتروني الرسمي.

النظام العربي التبعي،وفقدانه الوزن الدولي وما يعانية من خراب داخلي وفساد الخرافي،لم يعطِ عناية للشباب.اهمل طاقاتهم،اشعل حروباً عبثية.قدم رشى للغرب للسكوت على افاعيله.هذه الكوارث، جاءت نتاج عقليات كأنها من القرون الوسطى.تمرد الشباب على واقع مزرٍ بحثاً عن هويته الضائعة ومستقبله المفقود،وها هو ينتفض على امتداد الخارطة. فالسحب المتراكمة في الفضاء العربي، تنذر بمطر مدرار، سيغسل الارض من ادرانها.لنتفق اذاً،ان المستقبل لا يكتبه فرد،ولا جماعة بل يكتبه الشعب بمجموعه،ومواجهة الشباب مع الانظمة بدأت من المسافة الصفرية.