تكثر الاسئلة هذه الايام حول مجمل الاستفسارات التي تطرحها بل وتفرضها انتخابات المجالس البلدية وانتخابات مجالس المحافظات والتي بدأ ماراثونها باعلان الهيئة يوم الخامس عشر من آب القادم موعدا لها .

من بين الاسئلة المهمة التي تطرح الهيئة المستقلة : هل ستجرى انتخابات المجالس البلدية وانتخابات مجالس المحافظات في يوم واحد ؟

الجواب لا ينفصل عن اسئلة الضرورة والحاجة والمنافع المتوقعة من هذا القرار ،فهل اجراء الانتخابات البلدية واللامركزية في يوم واحد يعود بالفائدة على الدولة الاردنية ،هل يسهل الاجراءات بالنسبة للهيئة المستقلة للانتخاب وهل يساعد المواطنين الناخبين على الاقتراع بسهولة ويسر افضل مما لو جرت الانتخابات في موعدين مختلفين ؟

هذه الاسئلة وعشرات الاسئلة غيرها لا تغيب عن بال المعنيين في الهيئة المستقلة للانتخاب، وعندما تقرر الهيئة ان من المصلحة اجراء الانتخابات في نفس اليوم انما تنطلق من محصلة نقاشات مطولة جرت وتجري اليوم على أعلى المستويات بهدف الوصول الى القرار الصائب بالاستناد إلى معطيات واضحة ومحددة ينبغي التأكيد على انها درست من قبل عدة مرجعيات مسؤولة في الدولة الاردنية وشريكة للهيئة المستقلة للانتخاب ومن بينها وزارتي الداخلية والشؤون السياسية.

الحقيقة ان الهيئة المستقلة للانتخاب قررت اجراء انتخابات المجالس البلدية ومجالس المحافظات في نفس اليوم ما لم تحدث اية مفاجآت ،ولها في ذلك اسبابها الموجبة وهي التالية :

اولا : ان التكاليف المالية تصبح قضية وطنية عندما تعاني موازنة الدولة بشكل عام من العجز وتذهب الحكومات الى خيارات تقشفية غير اعتيادية معلنة الحاجة الى توفير كل دينار من اجل سد العجز،ومن المهم الاشارة هنا الى ان تكاليف الانتخابات القادمة سوف تصرف من موازنة الدولة على حساب بند الطوارئ ،لذلك فأن الهيئة المستقلة للانتخاب ترى ان في قرار توحيد الانتخابات ( البلدية واللامركزية ) وفرا ماليا قد يصل الى عشرة ملايين دينار ،وللتوضيح اكثر فان التكاليف المتوقعة لكل انتخابات على المستوى الوطني ( النيابية والبلديات واللامركزية ) اذا جرت على حده ،تصل في حدها الادني الى 15 مليون دينار معظم هذا المبلغ يصرف على الكوادر البشرية التي تستعين بها الهيئة خلال فترة الاستعداد للانتخابات وفي يوم الاقتراع ،اما في حال اجراء انتخابات البلديات واللامركزية في نفس اليوم فان نصف تكاليف الانتخابات تقريبا سيتم توفيرها لان الكوادر البشرية التي تعمل على الانتخابات البلدية هي نفسها التي ستعمل على انتخابات اللامركزية .

ثانيا : لقد انتهت دراسات الهيئة المستقلة للانتخابات الى نتيجة مهمة على صعيد الحماس المتوقع للانتخابات البلدية وانعكاسات ذلك على نسبة التصويت في يوم الاقتراع وسبب ذلك يتعلق بشعبية الانتخابات البلدية ،وانتهت الهيئة الى نتيجة ان الانتخابات البلدية سوف تسهم في رفع نسبة المشاركة بانتخابات مجالس المحافظات في حال جرت في نفس اليوم وفي مراكز اقتراع وفرز مشتركة ،ذلك ان انتخابات مجالس المحافظات تجرى لاول مرة ولا يتوقع ان تشهد نفس الحماس بالنسبة للانتخابات البلدية .

ان من المهم جدا بالنسبة لانتخابات مجالس المحافظات رفع نسبة المشاركة لان هذه المجالس تمثل ارادة المواطنين من خلال ممثليهم ،ولان الهيئة حريصة على توسيع دائرة التمثيل برفع نسب المشاركة ،فانها ترى ان انتخابات المجالس البلدية ستكون عونا كبيرا في رفع نسبة التصويت في انتخابات مجالس المحافظات .

ثالثا : من المعروف ان الانتخابات بشكل عام في الاردن تخلق حالة من التنافس تنعكس عادة على مجموعة من السلوكيات والتصرفات المجتمعية المكلفة ماديا من ناحية ،ومن ناحية اخرى تخلف اثارا اجتماعية سلبية نتيجة هذا التنافس ،وما من انتخابات جرت الا وتركت بصماتها في المجتمع الاردني واسفرت بعضها عن احتقانات اجتماعية ومشاحنات وصلت حد التشاجر الجماعي خاصة في الانتخابات البلدية نظرا لطابعها الشعبي بين اوساط المواطنين من مختلف الطبقات والمستويات.

ومن منظور مجتمعي امني نرى في الهيئة المستقلة ان اجراء الانتخابات في يوم واحد يختصر الكثير من اسباب الاحتقانات الشعبية المتوقعة .

رابعا : الانتخابات في الاردن وفقا لتجارب السنين الماضية تحدث حالة من الارباك للدولة وللمجتمع وتتعطل المؤسسات والجهات الرسمية والخاصة بسببها ليوم واحد على الاقل ،وفي حال الفصل بين انتخابات اللامركزية ومجالس البلديات فان العطل يتضاعف من يوم الى يومين ،وقد لا يكون هذا من الناحية الشعبية مهما او مشجعا لكنه بالنسبة لعالم البزنس والقطاع الخاص مهم جدا لان العطلة تكون في يوم عمل اي يوم انتاج .

لهذه الاسباب ترى الهيئة المستقلة للانتخاب ان قرار توحيد الانتخابات البلدية واللامركزية في يوم واحد – وعلى الرغم من تكلفة هذه العملية من الناحية الاجرائية والجهد المبذول من قبل كوادر الهيئة – يعتبر من قرارا وطنيا صائبا لما يحققه من عوائد مادية ومجتمعية .