
مش حرامي / مصطفى الشبول
فهذا سلوك لاشعوري لا يحدث فقط مع الأطفال وإنما يحدث مع بعض الكبار ، فعندما يكون شخص (موظف أو تاجر أو غيره) وكان عنده شيء من السرسرة أو الكذب ، دائما يبدأ كلامه، أنا مش حرامي، وأنا مش كذاب ، دون أن يسأله أحد ، ويقدم التبريرات وحلف الأيمان بأنه نظيف وشريف ولا يسرق ولا يختلس ولا يكذب…
ففي أحد القرى أراد أهل قرية أن يكرّموا القس بعد أن تقاعد وأنهى خدمته …فعملوا له حفل تكريم وقد اختير رئيس مجلس القرية ( المختار) لإلقاء كلمة بهذه المناسبة…. بدأ الحفل وتأخر رئيس مجلس القرية (المختار) ولم يظهر ، فقرر القس أن يقوم بنفسه بإلقاء كلمة… فقام القس وقال: في بداية عملي بالقرية أخذت انطباعاً سيئاً عن سكان القرية ، والسبب في أن أول شخص جلس على كرسي الاعتراف أمامي ( ودون ذكر اسمه) اعترف لي بأنه سرق تلفازا وكذب على الشرطة ، ثم سرق مالاً من أبويه ، وأختلس مبلغ ضخم من صاحب العمل ، وسرق مصاغ أخته …لكن مع الأيام وعندما تعرّفت أكثر على سكان القرية عرفت بأنهم طيبون …وأنهم يختلفون عن ذاك الرجل …وقبل أن ينهي القس كلمته دخل رئيس مجلس القرية (المختار) وأعتلى المنصّة ، وأعتذر عن التأخير ، وبعد أن شكر القس على جهوده بدأ يتحدث عن نفسه وعن أمانته ونزاهته وصفاته الحميدة ، ثم قال : لن أنسى أبدا عندما قَدِم القس إلى قريتنا كان لي الشرف أن أكون أول شخص يعترف أمامه …فضحك الحضور وعرفوا انه حرامي وكذاب…
فما بين براءة الطفولة مع صاحب كرم الخوخ ، وكذب وسرسرة رئيس مجلس القرية (المختار) هناك دروس وعبر تؤكد مقولة : أن حبال الكذب قصيرة … فمن بَرّر ونفى التهمة عن نفسه قبل أن يُسأل فقد وقع في دائرة الشك، لأن النظيف والشريف والصادق ليس بحاجة أن يبرّر أو أن يقول بأنه نظيف وشريف ..لكن إلي على رأسه بطحه بتحسس…