عندما يجوع الذيب / أحمد حسن الزعبي

عندما يجوع الذيب

أحمد حسن الزعبي
ظل القول الشعبي (لا يموت الذيب ولا تفني الغنم) يمثل الوسطية في التعامل مع الأشياء للحفاظ على آخر خيوط البقاء…لكنه لم يتطرّق للفرضية الأخرى ماذا لو “فنيت الغنم”؟ ماذا سيحل بالذيب؟..
بطل فيلم “ذيب” حسين سلامة ، الفيلم الأردني الوحيد الذي يصل للأوسكار “يسرفس” على سيارة لنقل السياح في وادي رم فيلقي الأمن القبض عليه ويضع بيديه “الكلبشات” ويوقفه في المركز الأمني فيتدخل مدير الأمن العام مشكوراً ويأمر بالإفراج عنه..من الأوسكار والسجاد الأحمر والأضواء الخاطفة ، الى “الجاعد” الموجود على تابلو “الكيا سيفيا” والغبار والوقوف بشكل غير قانوني ونقل الركاب بعيدا عن أعين سيارات العمومي والحافلات السياحية وشرطة السير..!!

في كل دول العالم نجم الفيلم الذي يصل للاوسكار،ويجلس جنباً الى جنب مع الممثلين العالميين والهوليووديين ، لا يخرج من صالات العرض هناك قبل ان يوقع على فيلمين او ثلاثة بعشرات الملايين ،وهنا حسين سلامة عاد الى أرض الوطن سُلّم درعاً خشبياً ووقّع عقوداً طويلة الأجل على جوعه وضنك عيشه…
**
بالمناسبة حسين سلامة ليس الوحيد الذي يترك في فيافي الفقر يبحث عن سراب الرغيف ،فغيره الكثير من المبدعين والمتألقين والرياضيين والفنانين..فمثلاً ، أحد اللاعبين الأردنيين كان اذا ما دخل الملعب بمباراة دولية تقف له المدرجات تهتف باسمه (خالد الزعبي كان يقف له جمهور الأردن وسوريا معاً) وينسون المباراة ويصفقون له رغم ان المباراة رسمية ويتنافس الفريقان على الفوز الا انه كان محل اجماع عند الجمهور ،وعندما ترك الملعب غلّقت في وجهه الأبواب ومات فقيراً…أحد أهم مهاجمي المتتخب الوطني لكرة القدم في التسعينات لا أريد ذكر اسمه “شوفير على تكسي”..وآخر كان “يبيع جعابير” على مثلث بشرى..وفنان عضو رابطة فنانيين أردنيين له محل “فطاير ع الطاير”!!..كم نحتفي بالابداع والمبدعين وكم نكرّم من يرفعون اسم البلد عالياً؟؟؟..
حسين سلامة، لم يفكّر بالهجرة ، ولم يتمرّد على واقعه لأنه وصل الأوسكار وحصد جوائز عالمية أخرى ، حسين سلامة ملتصق بالأرض حتى الجوع وحتى الموت..يريد أن يبقى هنا لأنه أردني وحسب..لم يغره السجاد الأحمر، فالسجاد يطوى آخر النهار..يريد ان يرى القمر هنا بوضوح والنجوم الحقيقية بوضوح، يريد ان ينظر بوجه رم ..فالنظر بوجه الوطن عبادة..الذيب يموت جوعاً ربما..لكنه لا يموت ناقصاً كرامة..! يا حكومة.

ahmedalzoubi@hotmail.com