هل المعارضة أقرب طريق إلى السلطة (2-3) / محمد داودية

هل المعارضة أقرب طريق إلى السلطة (2-3)

محمد داودية

لا يوجد نظام سياسي في العالم، يبحث عن معارضة سياسية تنشر غسيله الوسخ وتشهّر به وتؤلب عليه وتفضح ممارساته وتصمه بما فيه وبما ليس فيه.
ولا توجد معارضة سياسية في العالم، تهوى المعتقلات والزنازين والتعذيب والمنع من العمل والمنع من السفر والمنع من احتلال المناصب اللائقة بها.
في حقبة الخمسينات والستينات كان برنامج (ال سي. آي. ايه) لمكافحة الشيوعية يدفع 20 ألف دولار، على كل ورقة استنكار لعضو من أعضاء الاحزاب الشيوعية. فكانت الأنظمة تحصل على أوراق استنكار الحزب الشيوعي، من الشيوعيين ومن غير الشيوعيين!! وتحصل مقابل ذلك على ملايين الدولارات، وعلى سمعة انها تقف سدا منيعا ضد انتشار الأفكار الشيوعية.
لقد مارست المعارضة السياسية الأردنية نوعي المعارضة التقليديين:
المعارضة السرية الانقلابية «المسلحة وغير المسلحة»، المرتبطة بأنظمة حكم خارجية كسوريا والعراق وليبيا ومصر والاتحاد السوفياتي، التي عملت في صفوف القوات المسلحة، فاستدعت مقاومة استخبارية اردنية عنيفة، انطبق عليها قانون نيوتن الثالث: «لكل فعل رد فعل، مساوٍ له في القوة، مضادٌ له في الاتجاه». ومن هنا يصدق القول على الأنظمة السياسية ان الرشد يقابله رشد وان الدم يستسقي الدم.
ورغم ذلك فقد تميزت مواجهة المعارضة الأردنية بأنها لم تَرقَ الى حدود الاغتيالات والاعدامات والخطف والإخفاء والدهس بالخيل كما حصل لمئات المعارضين المصريين والعرب، وابرزهم الشيوعي المصري شهدي عطية الشافعي عام 1960، باستثناء حالة اردنية واحدة في تاريخنا السياسي – مارسها خبير أمني ألماني طرده الملك الحسين بسببها- هي حالة الشيوعي الشركسي عبدالفتاح تولستان التي وقعت في 24 شباط 1962.
والمعارضة السياسية الثانية، هي المعارضة الحزبية العلنية، التي رفعت شعار «اردن وطني ديمقراطي» الإصلاحي، الذي نادى بعودة الحياة النيابية وإلغاء الاحكام العرفية وتشريع الأحزاب السياسية واطلاق الحريات العامة، بدل شعار المعارضة القديم العقيم الذي لا يمكن تحقيقه: «الإطاحة بنظام الحكم».
لقد انتقلت المعارضة السياسية الأردنية من «معارضة الحكم» الى «معارضة الحكومات»، بهدي من مناخ الانفتاح والمصالحة، الذي كانت اول من دعت اليه في منتصف الثمانينات، منظمة الجبهة الديمقراطية في الأردن (مجد). وبهدي مؤثرات هبة نيسان 1989 وانتخاباتها والمناخ الذي وفّره الميثاق الوطني عام 1991 بمشاركة أعضاء من الأحزاب المحظورة كالحزب الشيوعي ومجد وحزب الجبهة الشعبية والعديد من الشخصيات الوطنية.
التعليق
الاسم: