في السيرة .. خرجا ( 1 ) للمخرج فيصل الزعبي

في السيرة ….خرجا ( 1 )
للمخرج فيصل الزعبي
_____
يسألوني اصدقائي ما سرّ قريتكم ؟ بأنها كانت مزحومة منذ سبعين عاماً بالأحزاب والأفكار وقلة التعصب العشائري …وما سرّ انفتاحها …ودور المرأة فيها متقدماً ..وما سرّ أن نمط تفكير وتعليم شبابها مختلفاً عن المحيط …ولماذا أسمها خرجا … اي خارجة عن شيء ما من المألوف ….
اسئلة وتساءلات … وخاصة كانوا شباب القرى المحيطة ينخرطون بالحفلات الفنية التي تقيمها البلدة ..وكان مَن له عشيقة من خرجا محظوظاً …يشتبك في سهراتها ومشاريعها الغريبة ..وأن مدرستها تأسست من بدايات القرن العشرين ..وكانت قرية لديها اسئلة دائمة ربما اسئلة أكبر من وطن واحياناً أكبر من أمّة بحالها ..وكانت معظم سهراتها …نقاشات في مصائر أكبر من جوعها وفقرها وقلة عدد سكانها …وعندما أدخلُ البلدة الآن اشعر إنني في غابات من الكرز واللوز والضحك والسخرية وتآلف عشائرها وافخاذها وبطونها الطرية …لم أذكر مشاجرة واحدة في القرية أو صوتاً مرتفعاً أو مخبر علني ..أو ولاء غبي لشيء ما ….لحظ هذه القرية حظ الجميلات ..الغائب دائماً …
في سلسلة طائشة قادمة سأحاول نبش الذهول والأسئلة ….وما الذي جرى ولماذا هي كذلك ..إنها خرجا أم الرمان والصبايا وشباب السجون والمعارضات الواعية
 
في السيرة خرجا ( 2 )
________________
 
__ دور الفرد والأشياء ___
 
معلم …..
كلب من لندن ….
حيفا
المعلم : استاذ صغير ضئيل انيق ..بنظارات واسعة بيضاء شفافة للضعف النظر ..مسيحي من الحصن ..متعلم في خضورية فلسطين( اسمه المعلم الزغير )
والكلب : احضره طبيب قادم من لندن ..وأهداه لأبي
المعلم : مدرّس لمادة الزراعة ..يحب السينما … عملي ..علّم البلدة تزين اشجارها وتطعيمها وتخليصها من رتابة شجر الزيتون
الكلب ..انذهلت فيه القرية لجماله وحجمه وألفته وذكائه ولونه الخروبي
المعلم …أخذ على عاتقه الإشراف على عقول وحقول القرية …
ولولاه ما تعرفت على السينما ولا تعرفت القرية على الكرز والمشمش الشامي والدراق الهندي
حيفا:…مرتع ومقصد شباب القرية في ثلاثينيات القرن العشرين
يذهبون بملابسهم الرثة وشعرهم الحليق وبؤسهم
ويعودون طويلي الشعر ..ببناطيل وشباحات قرمزية اللون وقصص ومغامرات وشهقات مملوءة بالذكريات
الكلب الانجليزي : اصبح صديق كل القرية بلهاثه ولعبه وتهجئة فهمه للغة العربية الدارجة..يضعون كرة القماش عند انفه ..ويعصبون عينيه ..ويدفنوها بالتراب …ينطلق ويحضرها وكأنها مربوطة بمخالبه …يحفر ويعثر على كرة القماش ويعود شامخاً منتصراً إلى حضن أبي ..يرفع أبي أنفه بأكثر من شموخ أنف الكلب ذاته ..كنا نحن أولاد أبي درجة ثانية بعد ( سويستي ) اسم الكلب… بالعناية والنظافة والانتباه
كانت القرية تنذهل وتصفق وتنتعش وكأنها في حفلة ذكاء لحيوان غريب الشكل والعينين والأطوار …
ويتبع ….
……………………………………………
 
* اسم قريتي .. شمال إربد .. تتعمشق على كتف نهر اليرموك ..