مجالس أمناء الجامعات ركيكة وتنفيعية/ د. محمدحيدر محيلان

مجالس أمناء الجامعات ركيكة وتنفيعية

د. محمدحيدر محيلان

إن الدور المقدس والمؤثر الذي تقوم به الجامعات والهدف الأسمى لها هو تحقيق محاور ثلاثة أولها التعليم العالي بجودة مميزة بما يرفد المجتمع بالكفاءات والمؤهلين وقادة الرأي والقيادات الوطنية السياسية والاقتصادية والمجتمعية وثانيا تفعيل البحث العلمي وما ينعكس عليه من النهوض بالوطن اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وبكافة الأساليب العلمية والتدريبية وثالثا خدمة المجتمع والمساهمة في حل المشكلات والتفاعل مع البيئة المحيطة ايجابيا بما يخدمها بكل ما هو مفيد ويرتقي بها لافضل حال.

ومن أجل تحقيق ذلك تم إنشاء مجالس امناء الجامعات كنوع من الحوكمة الرشيدة التي تهتم بتوجيه أنشطة الجامعة وادارتها والارتقاء بأدائها الى مستوى يميزها عن سواها والوصول بها إلى مصاف الجامعات العالمية المميزة.

وتنص المادة 8 من قانون الجامعات الأردنية الجديد رقم 18 لعام2018 على إن يكون لكل جامعة مجلس يسمى (مجلس الأمناء) يتألف من رئيس واثني عشر عضوا ، ممن (يحملون الدرجة الجامعية الأولى حدا أدنى). ويتولى هذا المجلس الموقر كما تنص المادة 10من نفس القانون مهام وصلاحيات منها رسم السياسة العامة للجامعة إقرار الخطة السنوية والاستراتيجية للجامعة ومتابعة تنفيذها و تقييم أداء الجامعة وقياداتها من الجوانب جميعها بما فيها الأكاديمية والإدارية والمالية والبنية التحتية، ومناقشة تقارير التقييم الذاتي المقدمة منها دوريا وتقديم تقرير سنوي عن أداء الجامعة ورئيسها إلى مجلس التعليم العالي وكذلك تعيين نواب الرئيس والعمداء في الجامعة ورؤساء الفروع وغيرها ..

وقبل أيام تفاجأنا بصدور قوائم تعيين رؤساء واعضاء مجالس امناء الجامعات العامة والخاصة تضم بين دفتيها أعضاء غير اكفياء وليس لديهم مؤهلات علمية كما تنص المادة 8 أعلاه على الاقل الدرجة الجامعية الأولى وكذلك تخلو القوائم العنصر النسائي… وبما يدل أن هؤلاء انما وضعوا لأسباب خاصة وشخصية وتنفيعية رخيصة و بدون تمحيص وبما لا يتناسب مع الهدف الأسمى والواجبات والمهام الرفيعة لمجالس امناء الجامعات من تطوير وتحديث للأداء الجامعي، وباعتبار هذا المجلس من ارفع المجالس التي تتربع على سلم هرم المجالس الجامعية التي تضم أساتذة ودكاترة مميزين بالعلم والفكر.. يجب أن يتم اختيار أعضائه بتؤدة وترو وحكمة ومرجعية موثوقة… في حين يعتبر مجلس امناء الجامعة في الدول المتقدمة علامة فارقة ومميزة يسعى إلى تطويرها واقتراح الحلول لمشاكلها وخاصة المالية منها، ويختار مجلس الأمناء من شخصيات عامة أكاديمية واقتصادية واجتماعية ومشهود لها بالكفاءة والنزاهة وليس بالضرورة أن يكونوا من البلد التي تنتمي إليها الجامعة فقد يكون احد خريجيها من دولة أخرى كما يحصل في جامعة هارفرد التي تعتبر النموذج الأمثل والارقى في هذا المجال وغيرها من الجامعات العريقة.

لا نريد لهذا المجلس أن يصبح وسيلة للترضية أحياناً أو للوجاهة والتنفيعات المادية احيانا أخرى فيخرج عن دوره السامي ويصبح حملا زائدا وعبئا على الجامعات يتحكم في قراراتها أو تفصيل ادارات للجامعات تتناغم مع ميول واهواء مجالس الأمناء وخاصة في الجامعات الرسمية على الأقل مما يزيد من بيروقراطية العمل وتعقيد الإجراءات.

لقد كان لتدخل بعض رؤساء المجالس في إدارة احدى الجامعات سببا في تعثرها و إفلاسها وإرباك وتخبط في إدارتها. وبنفس الوقت تم استبدال رؤساء جامعات ذوي كفاءة وأهلية واقتدار بآخرين مهلهلين لغايات تمرير قرارات ومشاريع خاصة وتنفيعية.. نرجو من وزير التعليم العالي إعادة تشكيل مجالس أمناء الجامعات بما يرتقي بمستوى الجامعات ويوازيها بالجامعات العالمية المميزة.