
مضافة ” أبو علي ” / موسى النعواشي
مضافة ” أبو علي “
موسى النعواشي
كنا صغارا من غير طفولة ، لم يكن في بيتنا طيور الجنة ولا كراميش ، لم نكن نعرف البلاي ستيشن ، فقط هو المذياع الذي ينام بحضن والدي ، لا نسمع منه إلا البث المباشر والوفيات وهنا لندن إن كان هناك رمق في بطارياته ، وسائل ترفيهنا من صنع أيدينا ، لم أذكر يوماً أن غابت الشمس وأنا خارج حدود فرشتي ، طفولة وسائلها مختلفة ، صنعوا منا رجالاً ، كان والدي يصرّ عليّ مرافقته لمضافة ” أبو علي ” ، إنها حكمة الأباءء والأجداد ، زرعوا فينا القيم ، علمونا أدب الحوار ، احترام الكبير ، أدب المجاالس .
أبو علي شيخ في قبيلته ، حكيم في رأيه ، علمٌ بين أقرانه ، قاض بعدله ، تُردّ الحقوق لأصحابهاها بفنجان قهوته ، كريم بعطاياه ، مهيب بغير سطوته ، تظهر النعمة على وجنتيه وخيط عباءته ، كنا نتوسم خيراً بهيبته ، ثراؤه من ميراثه وصنعته ، ضيوفه كثر ، موائده نكهتها الكرم .
أما أبو خالد بتجاعيد الزمن على وجهه ، وسرواله ذي الدكة المهترئة ، له بصمة على كل هذه الهالة ، فهو البوصلة التي يتحرك شيخنا أبو علي على مؤشرها ، أذكر يوماً أن هلّ على مضافة ” أبو علي ” ضيوف فوق العادة ، وإكرامهم بالطبع ليس كالعادة ، حضر الغداء جاهزاً مقصدراً لعله يليق بآكليه ، فكان للضيف لائقاً ، وأبو خالد يرقب الوضع وكأن شيئاً في خاطرة ، لم يستشر ، يبدو أنه خارج الرأي هذه المرة ، لماذا هذه المرة ، لم يستشر بعد أن كانت مشورته في كل مرة ، طيّب الكبير خاطره ، وأُزيح عن الصدر ما كدره ، فصار شيخنا ذو المهابة لا يحرك ساكناً إلا بمشورته ، في كل صغيرة وكبيرة يتولى تدبير الأمور أبو خالد.
وغير بعيد هل على مضافة أبي علي ضيوف ليسوا من سنحتنا ، فكانت وليمتهم على غير عاداتنا تنسفهم نسفاً ، فجاءت موائد الشواء وما رافقها بإيعاز من أبي خالد ، غادر الضيوف ولهم كامل حقهم ، تساءل الناس : لم لم تكن الوليمة كسابقتها ، فتلك أوجب ، كان الرد من صاحب الولاية بأنها لم تكن طيبة كما يقول أبو خالد ، ما سرك أيها العجوز ، خبيث والخبث يملأ سروالك ، لكنا نريدك فالمرحلة تحتاج هيبتك حتى لو كانت من دكة سروالك المهترئة ، فتجاعيد الزمن على وجهك تذكرني بتكشيرة عمي .
لله درك ، فنحن بحاجة لمشورتك لتبق الدار عامرة بأهلها ، لا يدخلها خبيث غيرك ، فخبثك إيجابي يحفظ الهيبة والمكانة ، ويحفظ البيت وأهله وماله فقد هرمنا من عبث العابثين .
كنا صغارا من غير طفولة ، لم يكن في بيتنا طيور الجنة ولا كراميش ، لم نكن نعرف البلاي ستيشن ، فقط هو المذياع الذي ينام بحضن والدي ، لا نسمع منه إلا البث المباشر والوفيات وهنا لندن إن كان هناك رمق في بطارياته ، وسائل ترفيهنا من صنع أيدينا ، لم أذكر يوماً أن غابت الشمس وأنا خارج حدود فرشتي ، طفولة وسائلها مختلفة ، صنعوا منا رجالاً ، كان والدي يصرّ عليّ مرافقته لمضافة ” أبو علي ” ، إنها حكمة الأباءء والأجداد ، زرعوا فينا القيم ، علمونا أدب الحوار ، احترام الكبير ، أدب المجاالس .
أبو علي شيخ في قبيلته ، حكيم في رأيه ، علمٌ بين أقرانه ، قاض بعدله ، تُردّ الحقوق لأصحابهاها بفنجان قهوته ، كريم بعطاياه ، مهيب بغير سطوته ، تظهر النعمة على وجنتيه وخيط عباءته ، كنا نتوسم خيراً بهيبته ، ثراؤه من ميراثه وصنعته ، ضيوفه كثر ، موائده نكهتها الكرم .
أما أبو خالد بتجاعيد الزمن على وجهه ، وسرواله ذي الدكة المهترئة ، له بصمة على كل هذه الهالة ، فهو البوصلة التي يتحرك شيخنا أبو علي على مؤشرها ، أذكر يوماً أن هلّ على مضافة ” أبو علي ” ضيوف فوق العادة ، وإكرامهم بالطبع ليس كالعادة ، حضر الغداء جاهزاً مقصدراً لعله يليق بآكليه ، فكان للضيف لائقاً ، وأبو خالد يرقب الوضع وكأن شيئاً في خاطرة ، لم يستشر ، يبدو أنه خارج الرأي هذه المرة ، لماذا هذه المرة ، لم يستشر بعد أن كانت مشورته في كل مرة ، طيّب الكبير خاطره ، وأُزيح عن الصدر ما كدره ، فصار شيخنا ذو المهابة لا يحرك ساكناً إلا بمشورته ، في كل صغيرة وكبيرة يتولى تدبير الأمور أبو خالد.
وغير بعيد هل على مضافة أبي علي ضيوف ليسوا من سنحتنا ، فكانت وليمتهم على غير عاداتنا تنسفهم نسفاً ، فجاءت موائد الشواء وما رافقها بإيعاز من أبي خالد ، غادر الضيوف ولهم كامل حقهم ، تساءل الناس : لم لم تكن الوليمة كسابقتها ، فتلك أوجب ، كان الرد من صاحب الولاية بأنها لم تكن طيبة كما يقول أبو خالد ، ما سرك أيها العجوز ، خبيث والخبث يملأ سروالك ، لكنا نريدك فالمرحلة تحتاج هيبتك حتى لو كانت من دكة سروالك المهترئة ، فتجاعيد الزمن على وجهك تذكرني بتكشيرة عمي .
لله درك ، فنحن بحاجة لمشورتك لتبق الدار عامرة بأهلها ، لا يدخلها خبيث غيرك ، فخبثك إيجابي يحفظ الهيبة والمكانة ، ويحفظ البيت وأهله وماله فقد هرمنا من عبث العابثين .