الغناء الأردني / ابراهيم غرايبة

الغناء الأردني

ابراهيم غرايبة

الغناء الأردني الذي نسمعه ينتمي إلى مرحلة مضت، مرحلة الزراعة، بمعناها الاجتماعي، ويغلب عليه أنه احتفالي ومخصص للمناسبات، القليل منه يصلح ليستمع إليه في الحياة اليومية في أثناء العمل أو في الراحة والتسلية على سبيل الاستمتاع والارتقاء بالحياة والحصول على متعة روحية وجمالية.


طبعا جرت محاولات جميلة ورائدة ومهمة لإنشاء أغنية أردنية في الاتجاه السباق ولكنه مستمدة من مرحلة الخمسينات والستينات، بأهدافها وطبيعتها، بناء الدولة والمجتمع، المدن الناشئة وغير المكتملة، مستوى التعليم والثقافة المحدود، المهن والأعمال غير الراسخة، وبالطبع فإنها لو تواصلت لأمكن تطويرها وإنتاج أغنية أردنية مستمدة من تراكم التجارب وتطورها وتطوير الذائقة الجماعية في الاستماع والفن والجمال بعامة،..

ومازالت الأغنية الاردنية حتى مع المغنين الجدد مواصلة لمرحلة ما قبل الدولة والمجتمع الحديث؛ أغاني احتفالية ومناسباتيه، تبالغ في الفرح والحركة والإيقاع وتفترض وجود تجمع لناس جاءوا لأجل مناسبة ما وللمشاركة أيضا في الغناء والبهجة، ولا بأس بذلك على أية حال، ولكنه ليس غناء يمكن وصفه بالفن الأردني أو هو يجب أن يكون جزءا من الفن الأردني.

نحتاج إلى غناء نسمعه في أثناء العمل وفي السيارة وفي أوقات الفراغ والتسلية وفي اللقاءات والتجمعات الثقافية والفنية في المسارح التي نقصدها لأجل الاستماع، تستوعب حياتنا اليومية وهمومها وتعقيداتها، العمل والمهن والطقس والسهر والليل والنهار والسؤال والموت والخلود والمصير والثلج والبرد والماء والعولمة والحنين والهجرة والعودة وصراع الأجيال والمدارس والجامعات والجبال والانهار والصحراء والسهول والكدح والعدل والمساواة والمبادرة والخوف والتنافس والمدن والبلدات والطاقة والغذاء واللباس والانتظار والشوق والنسيان والذاكرة والطرق والمنجزات والاخفاقات والذكريات والآلام والفرح والحزن والزمن والأرصفة والاشجار والمقاهي والكتب والجيران والنوافذ والأبواب والشرفات والسطوح والندى والغيوم والمقاعد والحدائق والمكتبات والأعشاب والزهور والفصول الأربعة والأمل واليأس والأطعمة والطهو والانتماء والمشاركة والأمن والدفاع عن الأوطان والتاريخ والسلوك الراقي الجميل والعلاقات واسلوب الحياة، ولا بأس بشيء من الحب، أن نجد أنفسنا في الأغنية ما نبحث عنه ويبحث عنا