هل سيعيد الأردن النظر في تحالفاته على ضوء أزمته الاقتصادية؟/ عمر الرداد

هل سيعيد الأردن النظر في تحالفاته على ضوء أزمته الاقتصادية؟

عمر الرداد

على هامش أزمة مشروع الضريبة الجديدة في الأردن، أعلن الملك في إحدى تصريحاته وبكل وضوح في لقاءاته (إما احل الأزمة أو الذهاب المجهول) وبالرغم من أن الملك كان يخاطب الداخل الأردني بها ،إلا أنها ،كما يعتقد كثيرون رسالة موجهة للخارج لحلفاء الأردن وأشقائه وأصدقائه.

التاريخ صور متكررة، تغيرت الظروف وتغير القادة،وتغيرت السياقات ،اختلف اللاعبون،وتغير الأردن،بعلاقات متطورة أصبح فيها منتقدوه في حرب الخليج اقرب حلفائه،واظهر انسجاما مع حلفائه في حرب الخليج الثانية،رغم خسارته العراق اقتصاديا وسياسيا،ومع ذلك تواصلت أزماته الاقتصادية، ارتباطا بالتكوين التاريخي للأردن الذي تشكل المساعدات والمنح الخارجية وخاصة من دول الخليج العربي ،إضافة للمساعدات الأمريكية والأوروبية، النسبة الأكبر من موازنته.

ما الذي تغير؟ هل صار الأردن جزءا من حلف الممانعة العربية والإسلامية لتجري محاصرته ومعاقبته؟ بالتأكيد الجواب لا ، وهو جزء من دول الاعتدال العربي “لتاريخه”،ما تغير أن المشهد اليوم مرتبط بالقضية الفلسطينية والحلول المطروحة في إطار ما يعرف بصفقة الأردن ،وتعاطي هذا “الاعتدال” معها وفق الرؤية الأمريكية ،دون الأخذ بعين الاعتبار لا الحقوق التاريخية للفلسطينيين ولا للأردن، وهو مالا يقبله الأردن، مدركا تداعيات قبوله لها،وتعارضها مع ثوابته.

البعد الإقليمي للحراك الأردني، يقع في حوارات الاردنين قيادات وحكومة وشعبيا في باب المسكوت عنه إلى حد كبير،وقد أبرزت التطورات هذا البعد انه ورغم الإعلان عن تلقي جلالة الملك العديد من الاتصالات من قادة دول الخليج (الحلفاء) للاطمئنان على الأردن بعد الحراك ،واستعداد المتصلين للوقوف الى جانب الأردن ،الا انه من غير الواضح فيما إذا كان هذا “الاطمئنان” فقط تحت عنوان العلاقات البرتوكولية، ام أنها ستؤدي للإسهام في إنقاذ الأردن بتقديم دعم مالي وبصورة عاجله له.

كما أبرزت خضوع أزمته لمخرجات وسياقات الأزمة الخليجية بين الأشقاء في قطر والسعودية والإمارات، وخاصة في التغطيات الإعلامية ، باتهامات أطراف الأزمة الخليجية لبعضهم البعض بالتآمر على الأردن،خاصة في ظل المواقف الأردنية المتوازنة تجاه تلك الأزمة.

ورغم محاولات جعل الأزمة الخليجية عنوانا في الحراك الذي يشهده الأردن ،في إطار تجاذباتها ،الا أن الحراك إجمالا قطع الطريق على تلك المحاولات ،بإصراره على بقاء الشعارات والهتافات والمضامين في إطار الأزمة الاقتصادية ببعدها الداخلي فقط، خاصة وان اتجاهاته العامة تدرك أن أطراف الأزمة الخليجية كلها ،تتعامل مع الأردن باعتباره  ورقة مساومة اما لانتزاع مواقف من عمان او إبراز مسؤولية هذا الطرف او ذاك عن الأزمة ومساهمته فيها، ودون ان تقدم هذه الأطراف ما يمكن أن يساهم في حل الأزمة.

ومن جانبه، تيار الممانعة العربي والإسلامي،وفي ظل إدراك لحجم الأزمة في الأردن ،لم يخرج عن سياقات دول الاعتدال العربي ،في التعامل مع الأردن باعتباره ورقة ، فانهال بعروض اقتصادية واستعداد لمساعدات تساهم في حل الأزمة الاقتصادية ، مقابل شروط وانتزاع مواقف لصالحه تجعل من الأردن دولة ممانعة،رغم عدم الإعلان عن ذلك صراحة.

الأردن اليوم بالفعل على مفترق طرق في علاقاته وتحالفاته الإقليمية والعربية ،اذ يبدو أن الوقوف على “الاعراف” قد طال كثيرا ،وخسر كثيرا جراء اعتدال ووسطية مواقفه، في زمن أصبحت تدار فيه الدول وفق المقولة المعروفة:إما معي أو ضدي،ومن حق الأردن اليوم أن يبحث عن مصالحه،ومن المؤكد أن الحراك السياسي الأردني سيشهد تطورات ذات دلالة في علاقاته وتحالفاته، قاسمها المشترك البحث عن مصالحه، وسيلتفت الى كل جيرانه بكل الاتجاهات لتحقيق ذلك.

كاتب وباحث بالأمن الاستراتيجي

oaalraddad@gmail.com