يوميات سالم 13 / اكرم الزعبي

يوميات سالم 13

اكرم الزعبي

لبس سالم ثوبه الأبيض الناصع بعد أن توضّأ استعداداً لصلاة المغرب، ثم مضى إلى المسجد قبل الأذان بعشر دقائق ليصل على الموعد تماماً.
دخل المسجد مع الكلمات الأخيرة للاذان، فصلى ركعتين وجلس في الصف الأمامي منتظراً إقامة الصلاة.
بدأ المصلّون بالتوافد إلى المسجد ولم يكن إمام المسجد من بينهم لغاية اللحظة، هناك إلى يمينه (محمد الأحمد)، يُصلي وعيناه تدوران في أنحاء المسجد مرّةً إلى الساعة، و مرّةً إلى الشبّاك، ومرّاتٍ كثيرة يختلس النظر إلى جيرانه في الصف، (هسه إذا الإمام ما إجى بنط هذا عشان يئم فينا) قال سالم في نفسه، ثم اردف (والله ما يفرح فيها).
إلى يساره كان ابن عمه المهندس ابراهيم، (هذا صحيح صوته حلو بالإمامة بس انا اكبر منه بالعمر وأولى، وصوتي أحلى بالقراءة) قال سالم لنفسه وهو يبتسم، ثم أدار رأسه إلى الخلف فانصعق لوجود فرحان المزعل، (هذا شو اللي جابه؟! هذا حافظ نص القرآن، واذا أٌم فينا رح يقرأ من طوال السور وانا مستعجل).
في زاوية المسجد اليسرى كان هناك شابان يسلمان على بعضهما ويتبادلان المجاملات بصوتٍ شبه مرتفع، بينما سالم يتحدث في نفسه ويقول (سبحان الله العظيم ما فيه احترام للمسجد عند البشر، بحكوا بأمور الدنيا ببيت الله).
على الزاوية الأخرى يوجد أربعة كراسي جلس على إحداها صديق والده الحاج أبو علي، ولمّا رآه سالم زمّ شفتيه بامتعاض وعاد ليقول في نفسه (أبو علي دجّال، بصلي على كرسي وما فيه اشي، الشهر الماضي كان ينط مثل القرد بعرس ابنه، وعند الصلاة بتكرسح، يا عمي الواحد بضحك على الناس بس ما بضحك على ربّه).
ساعة المسجد تعلن الآن موعد إقامة الصلاة، والمصلون يصطفون، وإمام المسجد لم يحضر.
قبل أن ينهي خادم المسجد إقامة الصلاة كان سالم ينظر إلى يمينه ثم إلى يساره (بطريقةٍ توحي بأنه يبحث عن الإمام أو عمّن يستحق أن يقوم مقام الإمام)، ثم يتقدّم هو ليؤم الناس وهو يقول (استقيموا اثابني واثابكم الله، وجّهوا قلوبكم إلى الله، سووا الصفوف، تراصّوا)، يرفع يديه بتكبيرة الإحرام ويقول (الله أكبر ).
كانت علامات الفرح تظهر على وجهه وهو يبدأ بالصلاة، ولم ينتبه أنه ينصب الفاعل، ويجر المفعول به في قصار السور، لا بل إنه أثناء الصلاة كان يقول في نفسه (يا رب المسجد يتعبّى بالمصلين مشان يشوفوا الفرق بيني وبين الإمام اللي صوته مثل صوت مطحنة الشرايط).
وبعدين مع سالم ؟!