مشاهدات رمضانية/ سهير جرادات

مشاهدات رمضانية

سهير جرادات

مشاهد عديدة وغير مألوفة يعيشها بعضنا خلال شهر رمضان المبارك وقبيله، فما ان يقترب حلول الشهر الفضيل حتى يتهافت الناس على شراء المواد التموينية .. وكأننا في سباق مع الزمن للانتهاء من الاستعداد لمسابقة التجهيز لشهر الخير والبركة، الذي من حِكَمِة الشعور مع غيرنا وبالذات الفقراء ، ومع أن الناس يتسابقون لفعل الخير وصلة الأرحام ، إلا أن المبالغة في الشراء أصبحت من المظاهر التي تخالف التعاليم السمحة.

أزمات سير خانقة مرفوضة بدأت تشهدها شوارعنا .. وكأن هناك أمر جلل ، أو أننا على موعد مع حدث غير معتاد، رغم أن الامور أكثر من طبيعية واعتيادية…ولو بحثت عن سبب لهذه الاختناقات المرورية لوجدت انها غير مبررة وخاصة ربطها بالشهر الفضيل الذي يقتضي التيسير في كل الامور.

في شهر رمضان يزداد اقبال الناس على تناول الحلويات، التي لا يحلو طعمها بالنسبة لبعضهم إلا في هذا الشهر ، فتجد طوابير الناس تصطف أمام بوابات المخابز ومحلات الحلويات لشراء القطائف الرمضانية ، التي ترتبط بطقوس هذا الشهر ، ،لكن ما يستهجن هو تلك “الطوش ” التي تحدث بين الأشخاص الذين ينتظرون ويتزاحمون للحصول على حاجاتهم ،وكأنهم يريدون أن ينتقموا من ساعات الصيام الطويلة رغم ان هذا الشهر يعلمنا الصبر على الجوع والعطش والتسامح.

ومما يميز رمضان الروحانية التي تجمع الناس في المساجد في أثناء صلاة التراويح وما يرافقها من أصوات المصلين، وكذلك صلوات قيام الليل وخاصة في العشر الاواخر من الشهر الفضيل وانتظار الناس سماع أذان الفجر للامساك عن الطعام ،في أجواء روحانية تطهر النفس ،وتجلي الهموم .

اما المسحراتي فهو من أهم شخصيات رمضان بندائه وقرعه للطبل وهو يطوف الشوارع غير مكترث لا بِحرِّ الصيف ولا ببرد الشتاء ولا يهمه سوى الأجر ، مناديا أسماء العائلات التي ترافقها الدعوات الجميلة التي تذكرنا بفريضة الصوم وأجرها العظيم وثوابها الكبير ، ومنبها الى وقت السحور ، ولكن دوره يكاد ينتهي في بعض الأماكن، مع أنه يحمل معه شريطا من الذكريات الجميلة التي تربطنا بشهر الخير والبركة .

أمام هذه المشاهد الروحانية التي لا نشعر بها إلا مرة واحدة في العام خلال الشهر الفضيل ،فإن حكومتنا تزيد فضلها علينا بقانون ضريبة الدخل، وتنهمك بكل طاقتها وجهودها لتمريره ، وفرض المزيد من الضرائب على المواطن وتحميله ما لا ذنب له في تراكم المديونية وارتفاع العجز في ميزانية الدولة ، وتسعى من خلال أذرعها إلى اقناعنا بأن هذا التعديلات على القانون لن تمس غالبية الاردنيين ، وأنها لن تطال الشريحة الأكبر وهي متوسطة الحال والتي تشمل دخول صغار الموظفين من خلال تقليص نسبة الاعفاءات الضريبة .

من الواضح أن شهر الخير لن يمر على حكومتنا الرشيدة ، وتكسبه خيرا وبركة ، وأن العمل به أجره مضاعف ، فهي تعمل على مضاعفة فرض المزيد من القيود على المواطن لتنال أجر الدنيا بعيدا عن أجر الآخرة .

بعد الضعف الذي أصابنا نحن الامتين العربية والإسلامية، لم يعد لنا إلا التوجه إلى الله عز وجل ، أن يعيننا على ضعفنا ويصبرنا على تخاذلنا وعجزنا في الدفاع عن مدينة القدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وحمايتها من المغتصب الصهيوني، الذي يعمل على تهويدها وطمس هويتها وعروبتها، أمام أعيننا، ونحن لا نحرك سوى السنتنا احيانا ،ضارعين إلى الله أن يمنحنا القوة ويعيننا على ضعفنا وينصرنا على أعدائنا .

كل رمضان والأمتين العربية والاسلامية ، وحكوماتنا الرشيدة إلى الله أقرب ، وعلى تحمل مسؤولياتها أقدر، وبالمواطنين ارحم.

Jaradat63@yahoo.com