هل للموهبة الشعرية أمارات وعلامات ؟ / الشاعر سعيد يعقوب

هل للموهبة الشعرية أمارات وعلامات ؟
بقلم الشاعر سعيد يعقوب
سؤال لطالما سألته لنفسي ولطالما سألني إياه غيري فحرت في الإجابة عنه وكنت أجيب إجابات خاطفة ومبتسرة وليست شاملة ولا كاملة هوسؤال تبقى إجابته مفتوحة وبرسم المختصين في مجالات الموهبة والإبداع استوقفني كثيرا ولا بد من الإجابة عليه في النهاية وهو:
هل للموهبة أمارات وعلامات خاصة موهبة الشعر؟
وإن كانت وهي لا بد كائنة فما هي ؟
وبعد إدامة النظر والتفكر وتقليب المسألة على وجوه أقول موهبة الشعر كأية موهبة أخرى لها أمارات وعلامات ومعرفتها تسهل على الموهوب إدراك موهبته والتعرف عليها وتعين من حوله على التعرف عليها ومساعدته لتنميتها وصقلها ابتداء أقرر أن الموهبة هي هبة وعطاء واختصاص إلهي خص به بعض البشر دون غيرهم في مجال ما ولا علاقة للناس بها بذلا أو منعا فهي تتفلت في نفس الموهوب كما تتفلت الإبل من عقلها وتنبت من شقوق الصخر كما تنبت الأعشاب ولا تستطيع كل التقنيات الحديثة والتقدم العلمي الهائل إيجادها في نفس الإنسان إن لم تكن موجودة فيه أصلا ولعل في التأشير عليها مساعدة لأناس يظنون في أنفسهم موهبة الشعر وهي غير موجودة فيكفون أنفسهم التعب والعناء دون طائل ويكفوننا بعد ذلك مؤونة قراءة ما يهذرون به من كلام يظنونه شعرا والشعر منه براء وأول هذه الأمارات هو الاستعداد الفطري الذي يتمظهر في الطلاقة اللغوية والقدرة على البيان والنطق السليم لمخارج الحروف والحديث الزائد عن الحاجة مما يدل على ثراء لغوي مبكر (وهذا ليس بالمطلق فأحمد شوقي كان لا يجيد النطق بشكل سليم فينيب عنه سواه في قراءة شعره وهناك من نبغ من الشعراء بعد الأربعين كالنابغة الذبياني وعزيز أباظة وغيرهم )
وثانيها الذكاء الحاد والذهن المتوقد الناشط الذي يتمرأى في الأسئلة الكبرى المبكرة والالتفات لما لا يلتفت له عادة من التفاصيل الصغيرة التي تختبئ في زوايا الحياة المعتمة فنقول عقله أكبر من سنه وثالثها الخيال الواسع والمخيال الخصب ورابعها الشغف المبكر بالقراءة والبحث والاطلاع والصبر على المجاهدة في التحصيل عموما وخامسها حفظ الشعر وإلقاؤه وسادسها حب الشعراء وتتبع أخبارهم والاطلاع على سيرهم والميل لإنشاء علاقات معهم والسابع الاهتمام بالنحو والصرف وعلوم العربية عموما وإتقانها والثامن سهولة تعلم العروض بيسر والتاسع الأذن الموسيقية التي تميز الخطأ في النحو أو في الوزن العاشر الميل والنزوع إلى مظاهر الجمال في كل شيء الطبيعة والفنون والكائنات والبعد عن القبح بكل صوره ومظاهره الحادي عشر رهافة الإحساس وعمقه والشفافية الحادة والعاطفة المشبوبة والبعد عن البلادة والصفاقة وغلاظة الكبد وجفاء الطبع وسرعة التأثر وقرب الدمعة الثاني عشر وهو الأهم الإيمان المطلق بالنفس والثقة بالموهبة والمحاربة بكل قوة لإثبات الذات بالسعي الدؤوب لتطوير القدرات والسعي لنشر ما لديه من إبداع لا يرده عن ذلك تثبيط مثبط ولا تخذيل مخذل وتبقى الإجابة مفتوحة على غير ما أوردته وما هي إلا محاولة مني للإجابة على سؤال عميق ودقيق ومهم في الوقت نفسه وسلامتكم.