ابن الشهيد الغريب / علي الشريف
ذهب ليقاتل في سبيل الله دفاعا عن دينه وعن وطنه وعن كرامتنا العربية التي لا زالت بعد دمهم تهدر وتهرق …. ثم ارتقى شهيدا على ارض فلسطين ولم يتعرف اليه احد لم يتعرف احد على اسمه.. من اين يكون .. كل ما كان معروفا عنه انه جاء من هذه الارض الطيبة ليستشهد في تلك الارض الطيبة راويا بدمه ارض نابلس.
دفن الشهيد وصار اسمه الشهيد الغريب وصار قبره يسمى بقبر الشهيد الغريب حين قضى كان يترك خلفه طفلا في الخامسة من العمر… كبر الطفل بلا اب حى انه لا يعرف اين ابيه كل ما كان يعرفه انه ابن شهيد وكان هذا الشرف الذي جاء اليه ولا يضاهيه شرف
كبير واصبح رجلا ولديه وظيفه في وزارة الشباب براتب لا يكفي التزامات الحياة كبر اكثر وكلما كبر كان يقترب اكثر من ابيه حتى عرف اين قبره….
لست انسى تلك اللحظة التي عرف فيها ان ابيه قد دفن في نابلس واطلق عليه لقب الشهيد الغريب ولا زالت ذاكرتي تختزن تلك الصورة للابن الفتي الشاب وهو يمد يده الى قبر ابيه والدموع كانها اللؤلؤ تتناثر فوق وجنتيه..كان يبكي لكنه واقسم بالله ما حنى راسه جزعا ولا الما وكيف يحنيه من كان من صلب شهيد.
عن صديقي ساتحدث عن فواز ابن الشهيد عبد الكريم العزام الذي اعرفه كما اعرف نفسي اعرف فقره واعرف يتمه واعرف دمعه واعرف وحشته وهو يكبر يبحث عن قبر ابيه الذي كان بلا اسم ليراه فيما بعد ويضع عليه الاسم الغائب.
فواز موظف في وزارة الشباب كرمه جلالة الملك مع بعض ابناء الشهداء فاصطحبهم معه لاداء مناسك العمره .. كرمه الديوان الملكي.. كرمه اهل نابلس بكل ما في التكريم من تجلياته ؟؟ ذاك لانهم ارادو ان يكرموا شهيدا غاب عن الذكر ..
كل الناس الذي مروا كرموا ابن الشهيد الا ان تكريم وزارة الشباب كان له وقع خاص فمعالي الوزير اراد له تكريما مختلفا .. وبجرة قلم احاله على التقاعد المبكر وعلى حساب الضمان الاجتماعي بنصف الراتب تقريبا ناسيا عوزه. ناسيا فقره.ناسيا انه لا زال في قمة العطاء ناسيا دم ابيه ويتمه ووحدته وعصاميته… وكاني به كان ناسيا …حبنا للشهداء .
وعلى ما يبدو ان تكريم حكوماتنا وتسديد عجزها لا ياتي الا على حساب ابناء الحراثين .. وابناء الشهداء … ولا يمس ابناء السينكرز والذوات… لذا اردت ان اكتب وان احكي … ربما انا الان بحاجة ايضا لقليل من الحزن وقليل من الدمع ففي بلادي يدفن العطاء وتجدد عقود من هم فوق سن الموت حتى.
ان كان الشهيد الغريب عبد الكريم العزام قد روى بدمه ارض فلسطين وفي شهادته بقي غريبا …حتى بان فانه قد اختار ان يكون هكذا حيا عند ربه يرزق… وفواز لا يختلف هو روى الارض بعرق جبينه لكن وزارة الشباب ارادت له ان ينسى ويكون غريبا فقصفت عمر العطاء بالتقاعد المبكر… وحكمت عليه بالاعدام المبكر … لم تصبر حتى يصل سن تقاعده .. لم تصبر فاعتقدت انها بذلك ستنقذ العجز الذي لن ينقذه الا هؤلاء الذين يعملون وفي ضميرهم ان على هذه الارض ما يستحق الحياة ..
صديقي فوزاز ابن الشهيد الغريب … صبر جميل والله المستعان… انما انا وانت وغيرنا سنبقى من الصابرين والله لا يضيع اجر المحسنين…