تقرير.. الاردنيون العاملون في الخليج يتعرضون للتمييز

كنانه نيوز  –  أوصت ورقة بحثية بضرورة تطوير سياسات وطنية توفر اطارا معياريا شاملا تجاه العمال المهاجرين تعتمد نهج حقوق الانسان، بهدف تحقيق العدالة والمساواة والحياة الكريمة، بحيث تطبق على العاملين الجانب في الأردن، والعمل مع الدول المستقبلة للعمالة الأردنية للاسترشاد به وتطبيقه عليها. تأخذ بعين الاعتبار مصالح العمالة الوطنية والمهاجرة بعين الاعتبار على حد سواء، على اعتبار أن وجود سياسات عادلة وواضحة للعمل سينعكس ايجابا على ظروف العمل لمجمل العاملين وطنيين ومهاجرين.
جاء ذلك في ورقة الموقف التي أصدرها المرصد العمالي الأردني التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية بالتعاون مع مؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية، بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين والذي يصادف في 18 كانون الأول من كل عام، وشكل شعار “الهجرة المأمونة في عالم متحرك” موضوعا لاحتفالية هذا العام.
وأوصت الورقة كذلك بضرورة تنظيم وضبط سوق العمل في الأردن لوضع حد للفوضى الكبيرة التي يعاني منها سوق العمل حيث اتساع رقعة العمالة المهاجرة غير النظامية (التي لا تحمل تصاريح عمل)، والتي تضر بمصالح العمال الأردنيين من جهة وتفتح الباب أمام تعرضهم للانتهاكات.
وجاء في الورقة أنه في الوقت الذي يعد فيه الأردن من الدول المستقبلة للعمالة المهاجرة والتي يطلق عليها في الأردن “عمالة وافدة”، فإن هنالك مئات الآلاف من الأردنيين يعملون خارج الأردن وخاصة في دول الخليج العربي.
وبينت الورقة أن سوق العمل الأردني يضم أعدادا كبيرة من العمالة المهاجرة، تقدر أعدادهم بما يقارب المليون ومائة الف عامل مهاجر، منهم ما يقارب (350) الف عامل مسجلين لدى وزارة العمل، وما يقارب 750 الف عامل آخر غير مسجلين لدى وزارة العمل. وتشكل العمالة المصرية الجزء الأكبر من هذه العمالة، تليها العمالة السورية التي تزايدت بشكل ملموس خلال السنوات القليلة الماضية بعد تفاقم الأوضاع الأمنية في سوريا. وتشير بعض التقديرات الرسمية أن أعدادهم تقارب 180 ألف عامل، مسجل منهم ما يقارب 70 الفا، بالمقابل فإن هنالك ما يقارب 600 الف عامل اردني مهاجر، غالبيتهم يعملون في دول الخليج العربي.
وأشارت الورقة أن قيمة التحويلات المالية التي يرسلها العمال المهاجرين من الأردن الى بلدانهم الأصلية تقارب الـ (425) مليون دولار سنويا، حسب ارقام البنك المركزي 2016، في حين بلغت قيمة التحويلات المالية للعمالة الأردنية المهاجرة الى الأردن خلال عام 2016 (3.34) مليار دولار.
وأوضحت الورقة كذلك أن أعداد العمال المهاجرين في العالم يقارب 244 مليون عامل مهاجر في العالم في عام 2015. غالبيتهم ينتقلون من دول الجنوب الى دول الشمال يبحثون عن مستويات معيشية أفضل واجور أعلى. وتبلغ قيمة التحويلات المالية للعمال المهاجرين الى بلدانهم الأصلية حسب تقديرات البنك الدولي ما يقارب 432 مليار دولار في العام 2015.
وأشارت الورقة أنه وبالرغم من عدم مصادقة الأردن على “الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وافراد اسرهم 1990″، فإن المنظومة التشريعية الأردنية تتضمن عددا من القوانين والانظمة والتعليمات ذات العلاقة بأوضاع العمالة المهاجرة، فالتشريعات العادية مثل القانون المدني وقانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي وقانون العقوبات وقانون منع الاتجار بالبشر وقانون الاقامة وشؤون الاجانب وقانون إبطال الرق إلى جانب تشريعات وقوانين أخرى توفر حماية قطاعية أو جزئية للعمال المهاجرين في بعض المجالات، وتحرمهم منها في مجالات أخرى.
بالإضافة الى عدد من الأنظمة والتعليمات التي ترتبط بصورة او أخرى بأوضاع العمال المهاجرين منها: نظام العاملين في المنازل ونظام تنظيم المكاتب الخاصة العاملة في استقدام واستخدام غير الاردنيين العاملين في المنازل، ونظام رسوم تصاريح عمل العمال غير الاردنيين ونظام مفتشي العمل، وتعليمات شروط وإجراءات استخدام العمال غير الأردنيين وتعليمات شروط واجراءات استقدام واستخدام غير الاردنيين في المناطق الصناعية المؤهلة والقرارات المتعلقة بالحد الادنى للأجور والقرارات المتعلقة بالمهن المغلقة على الاردنيين دون سواهم من العمال.
وخلص الورقة الى أن هذه المنظومة تفتقر إلى إطار قانوني شامل يقر بالمساواة الكاملة بين العمال الوطنيين والعمال المهاجرين في مجال الحقوق الانسانية، وبالرغم من وجود النصوص التي تقر شكلا بالمساواة، فإن العديد من الاستثناءات الواردة في بعض الأنظمة والتعليمات والقرارات تؤدي الى التمييز ضد العمال المهاجرين، وبالتالي تعزز عدم المساواة، وتشكل أرضية ومدخلا لاتساع رقعة الانتهاكات. ومنها على سبيل المثال قرار الحد الأدنى للأجور الذي يطبق على الأردنيين فقط، وحرمان عاملات المنازل من الانتفاع من الحماية الاجتماعية في إطار منظومة الضمان الاجتماعي، بالرغم من شمول فئة العاملين في المنازل تحت مظلة قانون العمل الأردني. ومؤخرا تم حرمان العاملين السوريين الذين يحصلون على تصاريح عمل حرة في قطاع الإنشاءات من الاشتراك في الضمان الاجتماعي.
وأشارت الورقة أن ظاهرة الهجرة ظهرت كحاجة انسانية أساسية تتطلبها استمرارية الحياة، وهي ظاهرة قديمة وستستمر، لذلك فإن تنقل البشر داخل حدود دولهم وخارجها هو حق انساني، إذ نص الإعلان العالمي لحقوق الانسان على حق الفرد في حرية التنقل واختيار محل إقامته داخل حدود كل دولة، وحقه في أن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلده كما يحق له العودة إليها. إلا أن الصراعات الدولية والتوجهات الوطنية والقومية وتفاوت مستويات التنمية حرمت الغالبية الساحقة من البشر من التمتع بهذا الحق.
وبينت الورقة أن فوائد العمالة المهاجرة تنعكس ايجابا على البلدان الأصلية للعمال المهاجرين من خلال تحويلاتهم المالية التي تساهم في تمويل الجهود التنموية فيها من جانب، وتخفف من عجوز موازين المدفوعات من جانب آخر، وتخفف من حدة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن البطالة من جانب ثالث، وتنعكس كذلك ايجابا على البلدان المستقبلة للعمالة، لأنهم يعملون في القطاعات الاقتصادية التي لا يتوفر لدى هذه الدول عمالة وطنية للعمل في هذه القطاعات.
وبشكل عام فإن هجرة الأيدي العاملة تساهم في حل مشكلة اختلال توازنات أسواق العمل في الدول المرسلة والمستقبلة للعمالة، بالتالي فإن هجرة الأيدي العاملة ظاهرة إنسانية وطبيعية، وسوف تستمر في المستقبل المنظور وبمستويات مضطردة، نتيجة العديد من العوامل، منها: عدم الاستقرار السياسي وتعمق مسارات العولمة، الى جاني اتساع مساحات الفقر والبطالة وضعف تطبيق معايير العمل اللائق في العديد من البلدان.