الخبير العزة يحذر من تحويل المعاهدات الدولية لأدوات للضغط على الدول الموقعة عليها “

كنانه نيوز – محليات – وكالات

حذر العين السابق والخبير الدولي في التحليل القانوني وحقوق الانسان، الدكتور مهند العزة، من خطورة تحويل المعاهدات والآليات الدولية إلى مجرّد أدوات تستعمل للضغط على بعض الدول الموقعين على تلك الاتفاقيات وتعطيلها في أحيان أخرى.

وقال العزة في تعليقه على نبأ تحويل المحكمة الجنائية الدولية الاردن إلى مجلس الأمن بزعم عدم القاء القبض على الرئيس السوداني عمر البشير لدى زيارته المملكة في القمة العربية الأخيرة: “لسنا في مقام التشكيك بالطابع السياسي الذي قد يكون شاب أمر القبض على الرئيس السوداني عمر البشير لغايات استجوابه حول تهم الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ومن حيث المبدأ، فإن نظام المحكمة الجنائية الأساسي (نظام روما) يوجب على الدول الأطراف الامتثال لطلبات التعاون الصادرة عن المحكمة في ما يخص إجراءات إلقاء القبض أو الإفصاح عن المعلومات والبيانات التي قد تساعد في تمكين المحكمة من بلوغ غايتها في القضية محل التحقيق، حيث نصت المادة (87) في فقرةها (ب) البند (7) على أنه: (في حالة عدم امتثال دولة طرف لطلب تعاون مقدم من المحكمة بما يتنافى وأحكام هذا النظام الأساسي ويحول دون ممارسة المحكمة وظائفها وسلطاتها بموجب هذا النظام يجوز للمحكمة أن تتخذ قرار بهذا المعنى وأن تحيل المسألة إلى جمعية الدول الأطراف أو إلى مجلس الأمن إذا كان مجلس الأمن قد أحال المسألة إلى المحكمة)”.

وأضاف العزة في تصريح صحفي: “مع ذلك فإن ثمة نص آخر يجب الالتفات له يحافظ على سيادة الدول تضمنه نظام روما ذاته، وهو نص الفقرة (6) من المادة (93) حيث نص على أنه: “على الدولة الطرف التي ترفض طلب مساعدة موجهاً إليها أن تخطر المحكمة أو المدعي العام على الفور بأسباب رفضها”. والسؤال الجوهري في هذا المقام هو: هل قامت المحكمة بتقديم طلب تعاون للقبض على البشير أثناء تواجده في الأردن في شهر آذار الماضي؟ ونظرا لما قد تتسم به طلبات التعاون من سرية فإن هذا الأمر سوف تكشف عنه مجريات الأحداث”.

وتابع العزة: “أما الشق السياسي، فعلى الرغم من كون البشير قد زار الأردن منذ أكثر من نصف عام، فإن توقيت تحريك هذه المسألة وإثارتها يبدو مثيراً للشكوك حول حقيقة دوافعه، فإذا كانت غاية المحكمة الجنائية الدولية تحقيق العدالة والقبض على البشير بوصفه مطلوبا أمامها، فما الذي يفسر سكوت المحكمة عن هذا الأمر طوال ستة أشهر؟؟؟ والمدهش أن من تناول هذه المسألة في وقتها –أي قبل ستة أشهر- هي منظمة هيومان رايتس ووتش والمفوض السامي لحقوق الإنسان، فأين كانت المحكمة في تلك الفترة وما الذي أيقظها الآن والآن تحديدا؟”.

وعبّر العزة عن اعتقاده “أن موقف الأردن الرسمي والشعبي من قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل قد دفع بعض المنزعجين من هذا القرار وربما تحديدا الولايات المتحدة الأمريكية لاستخدام هذه الورقة للضغط على الأردن، مع ملاحظة المفارقة الغريبة أن الولايات المتحدة نفسها من الدول التي لم تصادق على نظام روما الأساسي”.

واختتم العزة حديثه بالقول: “إن نصرة حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الجنائية الدولية هو مطلب أكيد وحتمي، إلا أن استخدام المعاهدات والآليات الدولية للانتصاف والتقاضي يحط من شأنها ويجعلها مجرد أدوات للضغط تستخدم في حين ويتم تعطيلها في أحيان”.