الدكتور عبيدات :” خطورة إفراغ المنطقة من الوجود المسيحي تكمن في جعلها خالية من شواهد العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين “

كنانه نيوز – محليات – بكر محمد عبيدات

قدم الباحث والخبير التربوي الدكتور هاني محمد عبيدات ورقة عمل لمؤتمر السياحة الاول ( جوامع وصوامع ) الذي نظمته جمعية اعلاميي بني كنانه بالتعاون مع عدد من مؤسسات المجتمع المحلي بعنوان ” السياحة الدينية في لواء بني كنانه ” .

وبين الدكتور عبيدات بان لواء بني كنانة يتسم بالعديد من السمات التي جعلت الأنماط السياحية فيه متعددة متنوعة و على مدار فصول السنة , و جمع الى جمال طبيعته جمال طبيعة النفس البشرية التي استوطنته إضافة الى ما يزخر به من مواقع تاريخية وأثرية و دينية إسلامية و مسيحية ,أهّلته ليكون جديرا بنظرة جادة من قبل الجهات المعنية بتنشيط السياحة و تحفيزها السياحة الدينية المسيحية في
إن ما يزخر به لواء بني كنانة من مواقع و كنائس و مزارات مسيحية يجب أن تجعله من ضمن مناطق الجذب السياحي الديني المسيحي و تضعه ضمن قائمة المناطق التي تهوي اليها أفئدة المؤمنين , و لأن الحجاج المسيحيين يعتبرون أنفسهم ورثة الإيمان يتتبعون مسارات الأنبياء و يتحسسون مسالك النساك و الأولياء, فهذه أرض بني كنانة المقدسة تفتح ذراعيها للباحثين عن إشباع الحاجات الروحية من خلال الصلوات و التأمل و إفساح المجال للأماكن المقدسة للحديث عن نفسها بلغة أبلغ من الكلام و الخطب الرنانة.
.
وأضاف الدكتور عبيدات بأنه عندما نتحدث عن السياحة الدينية المسيحية التي تهدف الى زيارة المواقع المسيحية لنقف على تاريخها و روحها و روحانيتها فلا يغيب عن بالنا أنها لا تخص معتقد إلإنسان نفسه فحسب , بل تخص الآخرين فتتعمق المعرفة و تزداد المحبة و الاحترام , و تتبدد الفوارق و الاختلافات و تذوب الانتماءات الحزبية و الطائفية و العرقية أمام الهوية الوطنية الأردنية , وأننا في هذا اللواء عامة و الكفارات خاصة نفخر بنماذج مشرفة من العيش الإسلامي المسيحي المشترك فقد زرعنا معا و صلينا معا و بنينا الوطن معا , و ترسخ هذا النهج الذي رعاه الهاشميون من خلال ” رسالة عمان ” و ” كلمة سواء ” .

:وحول تاريخ المسيحية في لواء بني كنانه أشار الدكتور عبيدات الى أنه على الرغم من أن المسيح عليه السلام زار أم قيس و تل الكفارات إلا أن المسيحية لم تر النور إلا في القرنين الثاني و الثالث الميلاديين , و كانت حبراص من أولى المناطق التي اعتنقت المسيحية , و من القبائل العربية التي اعتنقت المسيحية الغساسنة و قبائل رفيدة التي سكنت حرثا ثم امتدت الى قرية الرفيد و سميت باسمها , لقد كشفت الحفريات عن الجدار الشمالي لكنيسة بنيت في القرن السابع أو الثامن الميلادي في أبيلا.

وأضاف الدكتور عبيدات ” لقد انتشرت المسيحية في شمال الأردن خلال القرنين الثاني و الثالث الميلاديين في شمال الأردن في منطقة اربد و الجولان و سهول حوران و قد أسس الغساسنة دولتهم في هذه الديار , و بقيت الكنائس في هذا اللواء تشكل تراثا روحيا شرقيا لا يحق لأي كان العبث به سواء باسم الدين أو السياسة أو الأيديولوجيا , فالمسيحية الشرقية مكون أساسي من مكونات الحضارة الإنسانية في المنطقة و لا يمكن التخلي عنه أو تخريبه , بل إنها مثلما الحال مع المساجد و صوت الأذان تدخل في تكوين النسيج النفسي و الاجتماعي و التاريخي الجمعي للانسان العربي مسلما كان أم مسيحيا ”

وزاد الدكتور عبيدات بأن إحياء السياحة الدينية المسيحية و تنظيم الزيارات الروحية واجب وطني و التزام مقدس في دولة لا تزال تعتاش على المساعدات و المنح , بل هي ضرورة حتمية لإعطاء الصورة الحقيقية عن الآخر, و لمد جسور التواصل و المعرفة بين بني البشر , و لجلاء الصورة عن مدى قبول أتباع الديانات المختلفة لبعضهم البعض و تشاركهم في بناء المجتمعات العربية بعيدا عن الفتنة الطائفية و التفرقة العنصرية .
لقد قدّم الله سبحانه و تعالى ذكر الصوامع و البيع على المساجد فقال ” و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع و بيع و صلوات و مساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا “.
” .
وأوضح الدكتور عبيدات بأن خطورة إفراغ المنطقة من الوجود المسيحي تكمن في جعل المنطقة خالية من ألوانها التي تعد شاهدة على العيش الاسلامي المسيحي المشترك , و ما قصة أحد أبناء العمومة في الرفيد مع المطران ” جورج المر” إلا خير شاهد على حرص المسلمين على حماية أماكن العبادة لغير المسلمين في الأماكن والتجمعات السكانية التي بها يقيمون .

وخلص الدكتور عبيدات الى أنه يوجد درتان نادرتان تزينان جبين لواء بني كنانه هما : آبيلا في الجزء الشرقي وجدارا في الجزء الغربي , وقد زارهما السيد المسيح لتخليصهما من الوثنية , وفيهما عدد من الكنائس والمعابد وعلى الطريق الواصل بينهما يقع ديركفرسوم , وفي حضن جدارا يرقد كهف السيد المسيح , متسائلا في نهاية ورقته :” عمن يقرع جرس كنيسة الرفيد الكاثوليكية ؟! فلا زال منذ عــــشرات السنوات بإنتــظار من يقوم على ” قرعه ” .