المستشار عبيدات : نعيش في زمن لا كرامة واحترام للمثقف المبدع ولا للثقافة  بشكل عام

كنانة نيوز  – محمد محسن عبيدات

قال المستشار الاعلامي في وكالة الأنباء الأردنية  سابقا  الزميل شفيق عبيدات في كلمة له  في حفل تأبين المؤرخ الكبير محمود سعد عبيدات والذي نظمته رابطة الكتاب الأردنيين بالتعاون مع وزارة الثقافة وعشيرة ال عبيدات:

لقد اختارتني أسرة الفقيد لإلقاء كلمة  رفاق الفقيد , وفضلا عن ذلك كنت اقرب إليه  ليس بالقرابة  فقط بل متابعا لما أنجزه من تراث ثقافي  وصل إلى أكثر من  ( 40 ) كتابا تروي تاريخ  الأردن من خلال الحديث عن عدد من شخصياته , وكان أول هذه الكتب من سلسلة مشاهير في التاريخ الأردني , كتاب يروي مسيرة الشهيد البطل كايد مفلح عبيدات  الذي روى بدمائه الزكية ارض فلسطين في أم الثعالب قرب طبريا  , وكنت قد  قرأت هذا المؤلف ودققته لغويا قبل أن يدفع به الفقيد إلى المطبعة .

وكان الفقيد كلما نسج من فكره وعقله وثقافته وإبداعه وانتمائه القومي والوطني مؤلفا جديدا نتواصل ليبلغني عن مولوده الجديد  ويرسل لي نسخة منه بخط اليد  , فأبدأ القراءة لهذا  المؤلف  واشبع العقل والنفس بما احتوى من معلومات دقيقة تجعل القارئ يتمتع بما يقراه , وهذا إن دل على شي إنما يدل على ان الكاتب  الفقيد كان لديه مخزونا ثقافيا كبيرا ,  ويقضي ساعات طويلة يقرأ  المرجع  ويبحث عن المعلومة  المفيدة والموضوعية حتى يصل إلى قناعة تامة بما  ينهل من المراجع ليخرج في النهاية  بكتاب جديد يتحدث عن شخصية وطنية أردنية أو عربية .

لقد وثق الراحل الكبير التحديات  التي تواجه  الأمة العربية ابتداء من التحدي الإسرائيلي والمؤامرات التي تعرضت لها الأمة في الماضي  وفي الوقت الحالي , و وسائل التصدي لهذه المؤامرات  واختار لهذه المخطوطة الجديدة التي بلغ عدد صفحاتها 400 صفحة  تحت عنوان دراسات في الوعي التاريخي والسياسي والعقائدي , ومن فصول هذه المخطوط الذي أراد فقيدنا  أن أشاركه فيه هو ” دور الإعلام والصحافة  في التصدي  لما يحاك  لهذه الأمة من مؤامرات , وكان ينتظر طباعته إلا أن القدر قال كلمته وهذا يستدعي  منا ومن وزارة الثقافة  إكمال  مسيرة الفقيد  بطباعة  هذا  الانجاز  المهم .

كنت دائما  ألح عليه بعد إصدار  مؤلفة أو كتابه  الجديد أن أقدم  له مساعدة في تسويق  وترويج منتجه  الجديد إلا أن عفته وعزة  نفسه  وكرامته  كانت تأبى أن  يطلب هذه المساعدة وعلى الرغم  من انه كان يطبع  مؤلفاته على نفقته الخاصة , وهذا يدل على أن مسيرته  وسيرة حياته  الكفاحية تؤكد أن الفقيد صاحب مبدأ لا يمكن  المتاجرة به .

كان الفقيد عروبيا بامتياز , ولم يكن  انتماءه مثل  الذين  يدعون الانتماء  من خلال رفع الشعارات لتحقيق  مكاسب على حساب أصحاب الحقوق , كان الفقيد يترجم انتمائه بالفعل لا بالقول وذلك بتوثيق تاريخ وحضارة الأردن , ومكتسباته من خلال مؤلفاته  دون أن ينتظر مكافأة أو منصب أو غيره من المكاسب .

لقد افتقدناك  يا أبا سامر  وافتقدنا واحدا  من أهم رموز الثقافة الوطنية والعربية , افتقدنا هذا الفكر  النير والنبع الثقافي  والإبداعي الغزير الذي  لم يقدر عند أصحاب  القرار الذين تعاموا عن انجازاته  ولم يكرموه  أو يقدموا له الشكر على الأقل  وكأننا نعيش في زمن لا كرامة  واحترام للمثقف المبدع ولا للثقافة  بشكل عام .

نم أيه الأخ الحبيب أبو سامر  في دنياك الأخرى مرتاحا  فان الله أكرم من هؤلاء  ومن البشر جميعا  فلعل الله يكرمك  في اخرتك وهو القادر على كل شي ء .