486
كنانة نيوز –
ليخة انتخابية
وليد علي الجراح
في خضم الانتخابات النيابية الأردنية، يبدو أن الساحة السياسية أصبحت ساحة تناقضات عجيبة، حيث كل موقف له طابع غير متوقع وبعيد عن المنطق. في هذا العصر الذهبي من الحملة الانتخابية، سيتعين عليك اتخاذ موقف أو مواجهة جحيم الانتقادات من كل جانب، فكل خيار له ثمن، وكل موقف يحمل عبءًا لا يستهان به.
أولًا، إذا لم تكن في صف المرشح المفضل لأحدهم، فأنت خائن لا محالة. في هذا العالم المثير، فإن الولاء ليس له حدود، ويبدو أن دعم أي مرشح بخلاف مرشح أحدهم هو بمثابة إعلان الحرب. الساحة السياسية هنا لا تعرف الوسط، إما أن تكون في جبهة النصر أو في جبهة الخيانة، ولا مكان للحياد أو التعاطف.
ثانيًا، إذا قررت دعم مرشح يعبر عن فكر معين، فأنت بائع ضمير، تجردت من قيمك وعبرت عن انحرافك الأخلاقي لصالح فكر معين، حتى وإن كان هذا الفكر هو ما يؤمن به المرشح. هنا، لا يكفي أن يكون لديك رأي مستقل، بل عليك أن تلتزم بمبادئ هؤلاء الذين يعتقدون أن كل رأي مخالف هو مؤامرة.
أما إذا اخترت ألا تلتزم بأي موقف، أو كما يُقال، كنت نرجسيًا ولم تقف مع أحد، فهذا يعني أنك تجسد النموذج المثالي للأنانية المطلقة. لماذا؟ لأنك في هذه الحالة لا تدعم أي من الأحزاب، ولا تعطي أهمية لأفكارهم، بل تضع نفسك في مركز الاهتمام، وهو ما يعد من أكبر الجرائم السياسية.
وفي النهاية، إذا حاولت أن تكون دبلوماسيًا وتدعم الجميع في نفس الوقت، فستُتهم بالنفاق بلا رحمة. هذه الفئة ترى في المجاملة مرادفًا للغش والخداع، ويبدو أن محاولة فهم الجميع والتقريب بينهم هي جريمة لا تغتفر.
في ختام هذا المشهد السياسي العجيب، يتبقى لنا سؤال واحد: أين نجد المساحة المريحة التي يمكننا فيها التعبير عن آرائنا بحرية، دون أن نقع ضحايا لهذه التناقضات المبالغ فيها؟ يبدو أن الجواب يكمن في التزامنا بالاستمرار في السخرية والابتسامة، لأن الواقع يبدو أنه أبعد من أن يُفهم أو يُحل.