557
كنانة نيوز –
التحرر من قيود الجهل الفكري
يوسف عيسى الزعبي
في حياتنا اليومية، نواجه الكثير من المواقف التي تتطلب منا الوقوف بشجاعة أمام الخطأ والظلم والتجهيل. قد تبدو هذه التحديات صعبة، لكنها تشكل امتحاناً لقدرتنا على الدفاع عن المبادئ الأساسية التي تجعلنا بشراً.
للتحليل بشكل أعمق، يمكن أن نستعين بتشبيه الخروف ككائن مسلوب الإرادة، لنعكس واقع الإنسان الذي يرضى بالظلم والتجهيل دون محاولة للتغيير.
الخروف: كائن مسلوب الإرادة رغم أهميته
(( هل فكرت يوما كم هو مهم للحياة ؟؟، لا اعتقد بأن اي احد منا فكر بذلك الكائن وأهميته خلال تناول فنجان القهوة الصباحي او مع الأصدقاء ، ما لم يكن لحفل شواء )).
الخروف حيوان يعيش ضمن القطيع، يتبع الراعي حيثما قاده، دون أن يمتلك حرية الاختيار أو القدرة على التفكير المستقل. إنه يمشي مع الجميع نحو نفس الوجهة، حتى لو كانت تلك الوجهة نهايته.
ورغم أن الخروف يوفر لنا الغذاء واللباس، إلا أنه لا يدرك قيمته الحقيقية، ويظل حبيساً في دوره المحدود الذي يرسمه له الآخرون.
يمكننا أن نشبه الكثير من البشر بالخروف في هذا المعنى؛ فهم يسيرون مع التيار، يقبلون بالوضع القائم دون أن يفكروا في إمكانية تغييره. يسلمون أنفسهم للأفكار السائدة، ويختارون الطريق الأسهل، ولو كان مليئاً بالأخطاء أو الظلم.
لكن على عكس الخروف، الذي لا يمتلك القدرة على التمرد، يمتلك الإنسان العقل والإرادة، ما يمكنه من الوقوف بوجه ما يراه خطأً.
روزا باركس: موقف ضد التمييز العنصري
قصة روزا باركس، الناشطة الحقوقية الأمريكية، تعد مثالاً آخر على الشجاعة في مواجهة الظلم. في عام 1955، رفضت روزا التخلي عن مقعدها في الحافلة لرجل أبيض، متحدية بذلك قوانين التمييز العنصري التي كانت سائدة آنذاك. كان يمكن لروزا أن تستسلم وتتصرف كما يفعل الآخرون، لكنها اختارت أن تقف ضد الظلم، مما أشعل حركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة وأسهم في تغيير القوانين العنصرية.
نيلسون مانديلا: النضال ضد الفصل العنصري
نيلسون مانديلا، الذي ناضل ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، يمثل رمزاً آخر للشجاعة والإصرار على تحقيق العدالة. بعد سنوات طويلة من السجن والتضحية، تمكن مانديلا من قيادة بلاده نحو الحرية والمساواة. لم يكن مساره سهلاً، لكنه آمن بأن الظلم لا يمكن أن يدوم، وأن كل إنسان له الحق في الحرية والعدالة والعيش الكريم.
في حياتنا اليومية، قد لا نواجه التحديات الكبرى التي واجهها مانديلا ، ولكننا بالتأكيد نواجه مواقف تتطلب منا الشجاعة في قول الحق أو الدفاع عن المظلومين. يمكن أن يكون ذلك في المدرسة، عندما نقف مع زميل يتعرض للتنمر، أو في العمل، عندما نواجه تصرفات غير عادلة من الإدارة وبالطبع في الحياة اليومية.
عندما ننظر إلى القصص الإنسانية التي تتحدث عن الوقوف أمام الخطأ والظلم، نجد أنها ليست مجرد حكايات عن أشخاص عاديين، بل هي دروس تلهمنا للتمرد على التجهيل والظلم في حياتنا.
تلك القصص تعلمنا أن التغيير يبدأ من داخلنا، وأنه لا يمكننا أن نكون مجرد أتباع صامتين ضمن قطيع يُساق إلى حيث لا يريد.
التحرر من قيود الجهل والظلم هو السبيل إلى حياة مليئة بالكرامة والعدالة. لا يجب أن نخاف من الوقوف بوجه التيار إذا كان ذلك هو السبيل لتحقيق الحق.
علينا أن نتذكر أن كل فعل صغير نحو الحق يمكن أن يكون بداية لتغيير كبير، وأن لدينا القوة لإحداث هذا التغيير إذا ما امتلكنا الشجاعة.
إذاً، دعونا نكون مثل أولئك الذين رفضوا أن يعيشوا مثل الخروف، وقرروا أن يصنعوا طريقهم الخاص نحو الحرية والعدل.
دعونا نتحلى بالشجاعة لنقول “لا” للظلم و”نعم” للحق، ولنسعى دائماً إلى نشر المعرفة وتحقيق العدالة في كل جانب من جوانب حياتنا.
سؤالي لك ، هل يمكن لشخص واحد أن يُحدث تغييرًا كبيرًا بمجرد أن يقرر عدم الاستسلام للظلم ؟؟
{ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}[إبراهيم: 42-43].