453
كنانة نيوز –
دراسة تفصيلية حول إعادة توجيه الأموال الانتخابية للاستثمار في مشاريع تنموية في الأردن
يوسف عيسى الزعبي
مقدمة:
تتطلب الحملات الانتخابية في الأردن نفقات ضخمة، حيث يصرف المرشحون مبالغ طائلة على الإعلانات والدعاية والأنشطة الانتخابية. على الرغم من أهمية هذه الأنشطة في تعزيز العملية الديمقراطية، إلا أن التأثير الاقتصادي لهذه النفقات غالبًا ما يكون محدودًا ومؤقتًا.
يهدف هذا البحث إلى استكشاف كيفية إعادة توجيه هذه الأموال نحو استثمارات مستدامة يمكن أن تسهم في تخفيف حدة البطالة وخلق فرص عمل دائمة.
نظرة عامة على الإنفاق الانتخابي:
الإنفاق على الحملات الانتخابية في الأردن يشمل عدة جوانب، منها:
– الدعاية والإعلان:
يعد الإعلان من أكبر مجالات الإنفاق، حيث ينفق المرشحون مبالغ كبيرة على وسائل الإعلام المختلفة، بما في ذلك التلفزيون، الراديو، والصحف، بالإضافة إلى الإعلانات الرقمية على الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي.
– الأنشطة الميدانية:
مثل تنظيم التجمعات واللقاءات الجماهيرية، توزيع المنشورات، وإقامة الفعاليات الانتخابية.
– شراء الأصوات:
رغم أنها ممارسة غير قانونية، إلا أنها تحدث في بعض الأحيان، ما يزيد من تكلفة الحملات الانتخابية.
وفقًا لتقديرات غير رسمية، قد ينفق المرشح الواحد في الانتخابات البرلمانية ما يصل إلى مئات الآلاف من الدنانير، وفي بعض الحالات يمكن أن يصل الرقم إلى اكثر من ذلك، حسب نطاق الحملة وطموحات المرشح.
الآثار الاقتصادية للإنفاق الانتخابي:
بينما يمكن أن يؤدي هذا الإنفاق إلى تنشيط الاقتصاد المحلي بشكل مؤقت، إلا أنه لا يوفر حلولًا مستدامة.
فعلى سبيل المثال، الزيادة المؤقتة في الطلب على خدمات الدعاية والإعلان أو تنظيم الفعاليات لا تترجم إلى وظائف دائمة أو استثمارات طويلة الأجل. كما أن المبالغ الكبيرة التي تنفق على الحملات ترفع من تكلفة الترشح، وزيادة ديون المرشحين ،مما يجعل العملية الانتخابية أقل شمولية.
إعادة توجيه الأموال للاستثمار في المشاريع التنموية:
يمكن أن تكون إعادة توجيه هذه الأموال نحو مشاريع تنموية خيارًا أكثر فعالية لتحسين الاقتصاد على المدى الطويل. وفيما يلي بعض المجالات التي يمكن أن تكون موضع استثمار:
1. المشاريع الصغيرة والمتوسطة:
– تشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة حوالي 90% من إجمالي الشركات في الأردن، وتوفر نحو 60% من فرص العمل. يمكن توجيه جزء من الأموال الانتخابية لدعم هذه الشركات، سواء من خلال توفير التمويل اللازم أو تقديم استشارات تجارية.
– إنشاء صناديق استثمارية مخصصة لدعم رواد الأعمال والشركات الناشئة، خاصة في مجالات التكنولوجيا والابتكار، يمكن أن يسهم في خلق فرص عمل جديدة.
2. البنية التحتية:
– يمكن استخدام الأموال لتطوير مشاريع البنية التحتية، مثل تحسين شبكات الطرق، وتطوير المناطق الصناعية، وبناء مرافق تعليمية وصحية جديدة. هذه المشاريع لا تساهم فقط في تحسين جودة الحياة، بل تجذب أيضًا الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
– بناء وتطوير البنية التحتية الرقمية أيضًا له أهمية كبيرة، حيث يعزز الاقتصاد الرقمي ويوفر فرص عمل في قطاع التكنولوجيا.
3. التعليم والتدريب المهني:
– تعتبر برامج التدريب المهني ضرورية لتزويد الشباب بالمهارات اللازمة لدخول سوق العمل. يمكن استخدام الأموال لإنشاء مراكز تدريب متخصصة بالشراكة مع القطاع الخاص لتلبية احتياجات السوق.
– تعزيز التعليم في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) يمكن أن يعد القوى العاملة لمتطلبات سوق العمل المستقبلي.
4. الزراعة والتنمية الريفية:
– يمكن توجيه الاستثمارات نحو تطوير القطاع الزراعي، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من الفقر والبطالة. دعم الزراعة المستدامة، وإنشاء مشاريع زراعية تعاونية يمكن أن يحسن الأمن الغذائي ويوفر فرص عمل جديدة.
تحديات تحويل الأموال الانتخابية إلى استثمارات:
رغم الفوائد المحتملة، إلا أن هناك تحديات يجب مراعاتها عند محاولة تحويل الأموال الانتخابية إلى استثمارات:
– الإرادة السياسية:
يتطلب التحول تعاونًا وتنسيقًا بين الحكومة والمرشحين، وهو أمر قد يكون صعبًا نظرًا لوجود مصالح متعارضة.
– التخطيط والتنفيذ:
يحتاج الاستثمار في المشاريع التنموية إلى تخطيط دقيق وتنفيذ فعال، لضمان تحقيق الأهداف المرجوة.
– الشفافية والمساءلة:
لضمان استخدام الأموال بشكل فعال، يجب أن تكون هناك آليات رقابية صارمة لمتابعة تنفيذ المشاريع وتقييم نتائجها.
الخاتمة:
يعد استثمار الأموال الانتخابية في مشاريع تنموية خيارًا مستدامًا يمكن أن يسهم في معالجة بعض التحديات الاقتصادية الهيكلية في الأردن، مثل البطالة والفقر. يتطلب هذا التوجه تغييرًا في الثقافة السياسية وتبني سياسات جديدة تركز على التنمية المستدامة بدلاً من الإنفاق قصير الأجل.
**المراجع:**
– معهد السياسة والمجتمع.
– “جوردان تايمز”، تصريحات وزير المالية حول الميزانية وآفاق النمو الاقتصادي.
ويبقى السؤال مطروحا بحاجة للإجابة من جميع المترشحين ، هل تقبل بهذا الاقتراح ؟
هل يوافق المواطن الأردني أن يصوت لاؤلئك المرشحين الذين قد يتبنون هكذا اقتراح ؟
دمتم بخير