كنانة نيوز –
ثنائية المديح والهجاء في الانتخابات النيابية الأردنية.. رزق الهبل ع. المجانين
عدنان نصار
تماثلت صور المرشحين بأناقتها وألوانها وربطات أعناقها..،صور المرشحين للإنتخابات تبدو أكثر أناقة بألوانها الزهية ، حتى الرتوش وتجاعيد الوجوه أخفتها تقنية “الفوتوشوب” ، وربما لعبت هذه التقنية بتجميل إبتسامات بعضهم ..، كل شيء في طرقات المدينة والريف والبادية والمخيم يبدو عاديا ..لا شيء إستثنائي مطلقا ، حركة السير طبيعية ، وكذلك حركة المشاة..وثمة مضافات شرعت أبوابها للضيوف والمؤازرين..وقيل ان البرامج الإنتخابية فد وزعت على الحضور ، وتطوع شبان فتيان لوضعها أيضا على الزجاج الأمامي للسيارات المتوقفة ..، لا يوجد إستثناءات في البرامج ، فكلها تتحدث عن مشاكل ولا تضع الحلول..إقتصاد في حالة غفوة ..بطالة تشبه القنبلة الموقوتة..شباب معطل عن العمل وفرص مفقودة ..وفقر يتبختر في الطرقات مثل مارد يلوح بيده للعابرين ..وكساد في الأسواق ، وفساد قيل انه يتمدد في غير موضع ..ووجوه تعيد التموضع بقالب مختلف هذه المرة ..، قالب القوائم بشقيه الحزبي والمحلي..كل شيء عادي يسير وفق المقرر والتكهنات ،لكن الأمر لا يخلو من المفاجآت ..هذا المنحى اعتدنا عليه في مسارنا ،بصرف النظر عن دقة “اللوكيشن” ..كل شيء هنا في المدينة والريف والبادية والمخيم يبدو عاديا ، وشعارات حملات انتخابية تعزز عند التاخبين الأذكياء العاديين ، غباء بعض المرشحين ..فغالبيتهم يتحدثون عن مشاكل العباد والبلاد ، ولا يجيدون إبتكار الحلول ..”خذ وهات” .!
بعد التريث ، والتأني وتوظيف “الحكمة” وجدت شريحة عريضة من الناخبين ان تقف في المنطقة الرمادية ..،وثمة شريحة عريضة أيضا تقف على مفترق البحث عن إجابات على أسئلة ..أسئلة اقتحمت الدواوين والمضافات في مواجهة أدبية ساخنة بين ناخبين ومرشحين ، لدرجة انها أحرجت مرشحين آثروا الإنسحاب من حوار يفوده شباب..شباب متحمس لترجمة أحلامهم البسيطة على أرض الواقع ، لكن ..؟!
المرشحون في غالبيتهم كانوا ميالين إلى صور جميلة نسبيا ، يمسكون ياقة بذلاتهم الرسمية بحركة بروتوكولية ، وخلفهم مكتبة تعج بأغلفة الكتب ،أيضا نسية كبيرة منها تشابهت ، ربما المونتاج لم يتنبه لذلك..على أية حال ، غلطة وصارت وجل من لا يسهو..!
في مجلس ما ، في مدينة اربد شمال العاصمة الأردنية عمان ، وهي بالمناسبة أكبر محافظة بعد العاصمة ، سألتني السبعينية أم كريم بلهجتها المحكية دون تدخل من المحرر بلهجتها:” أميت الإنتخابات.؟” أجبت : في العاشر من أيلول..ضحكت أم كريم صاحبة الوجه المتعب من تفاصيل الحياة وفقرها ، قبل أن تردف قائلة:” يا مسخم بقولوا أيلول ذيله مبلول..أجبتها باسما :هذا قبل التغير المناخي ، قبل ثقب أوزون..واضفت “لوين بدك تودينا يا حجة ؟.”..لتجيب : الحياة صعبة يا خاله ، ورزق الهبل ع.المجانين”..لملمت بعض اشياءها وغادرت دون أن تعطيني إجابة .!
لا أسوق هذه السردية ، من موقف المتشائم ، واتعامل مع التفاؤل بحذر ..غير أن هامش المناورة في الانتخابات بين المرشحين في برامجهم لا تلبي طوح الفقراء الباحثين عن العدالة ، ولا طموح الشباب الذين يترصدون فرصة عمل ..ولا لأولئك “النباشين” الباحثين عن لقمة خبز في الحاويات، وهم بالمناسبة كثر وعائلات مستورة ..لست متشائما ، لكن أضع اليد على الخد حين أمر من أمام يافطات غالبية المرشحين ..أشعر أن “الفوتو شوب” أغرقنا بتقتياته على قارعة الطريق .
ثمة مرشحين يحاورون فكر إلى فكر يرتقي الى مستوى المسؤولية السياسية..وثمة مرشحين يحاولون التسلل بقصد الوصول إلى العبدلي /مقر مجلس النواب..وصنف ثالث من المرشحين يقال عنهم انهم “حشوات” لاستكمال عدد القائمة ..وفي كل الأحوال هناك ثنائية المديح لمرشحين وهجاء لبعضهم.
اعرف جيدا ، ان المقال لن يروق للبعض ، غير اني أؤكد لا أقصد أي مرشح مطلقا..إنما أقصد برامج تساوت في مفرداتها وتصورها ، وساوت بين الغث والسمين ..ما أحوجنا إلى ثقة تعيد للمنهورين والمقهورين والمساكين والحالمين والصابرين حقوقهم في الخبز وتفاصيل يومياتهم ..ما أحوجنا إلى وجدان سياسي يتفهم ويفهم أحلام البسطاء والفقراء والمساكين الممسكين بأمل غد أجمل ..وللحديث بقية .