من يعيد الحياة لمدرسة صمد التراثية  في محافظة إربد ؟!

كنانة  نيوز  –

من يعيد الحياة لمدرسة صمد التراثية  في محافظة إربد ؟!

بكر محمد عبيدات-

بقيت وحيدة تندب حظها العاثر , وحالها الذي آلت اليه بعد نقل طلبة كانوا يشكلون مصدر حياة وحيوية ,ينثرون ضحكاتهم وإبتساماتهم صباح كل يوم , يرسمون أحلامهم وأمالهم على جدرانها ,على امل بأن يحققوها , وها هي اليوم تنتظر من يعيد الدماء لشرايينها لتعود لتنبض من جديد كمعلم تربوي وحضاري شيده الآباء والأجداد بعرق جبينهم , ولتعود أجراسها لتقرع بين جنباتها , ذلك هو حال مبنى مدرسة صمد الأساسية للبنات التابعة لمديرية التربية والتعليم للواء المزار الشمالي في محافظة اربد .

وقد خيم الصمت على جنبات هذه المدرسة التي كانت فيما مضى من زمن تعج بالحياة والحيوية , الا إن هذا النبض توقف بعد إنتقال طلبتها للدراسة في مدرسة أخرى جديدة قبل سنوات , ولتبقَ وحيدة , تندب حظها , ويعلو الغبار والرمال على جدرانها , معلقة آمالها على من إحتضنتهم لسنوات ان يردوا لها الجميل ويعيدوا الدماء لشرايين , كيف لا وهي التي إحتضنتهم على مدار عقود طويلة , وكان لها معهم ذكريات جميلة من الصعب نسيانها او التنكر لها.

وغابت عنها أصوات طلبتها وأصوات اجراس الطابو الصباحي الذي كان يعلن بكل زهو وافتخار عن النشيد الوطني الاردني , ولم يعد يسمع في هذه الأيام سوى تنهيدة تنطلق حيرى من بين جدرانها وصدى لاصوات قادمة من بعيد.!!

وقد علت وإرتفعت أصوات من قبل مواطنين من منطقة صمد التابعة للواء المزار الشمالي بضرورة العمل على إعادة الحياة لشرايين هذه المدرسة التراثية واستغلال المبنى لأغراض تعليمية وتربوية مناسبة , وعدم تركها وحدها تعاني الغربة وهي بين اهلها , وعدم تركها مهجورة وعرضة لأن تمتد اليها أيدي العبث والخراب.

وأشار الناشط الاجتماعي الدكتور مالك البدور لكنانة نيوز  بأن مدرسة صمد الأساسية للبنات بناء تراثي، يعود لخمسينيات القرن المنصرم، بُنيت على الأطراف الشمالية الشرقية لقرية صمد التراثية، وتزامن تأسيس هذه المدرسة مع تأسيس بيوت القرية التراثية، فشهدت هذه المدرسة نشأة أجيال وأجيال ترعرعوا بين بيوتهم وأزقة وحواري القرية وبين مدرستهم وساحاتها التي تلقوا فيها تعليمهم الابتدائي والإعدادي مع أقرانهم من أبناء القرى المجاورة حيث كانت تحتضن الجميع غرفها الصفية كما الأم لأبنائها.

وبين الدكتور البدور بأنه لم يكن أحد يتوقع يوما بأن يؤول حال مدرستهم التي كانت تعج بالحياة والحيوية في ما مضى من زمن , وتتحول على مكان يتسيده الصمت , بعد أن باتت تخلو من الطلبة , ولم يعد يسمع جرس الطابو الصباحي ولا النشيد الوطني .

وأوضح الدكتور البدور بأن المدرسة بوضعها الحالي باتت تئن من الحرمان والهجر من قبل الأحبة وباتت بعيدة عن عيون المسؤولين الذين لا يسمعون صرخات جدرانها تناديهم بأن ينتشلوها من حالة الضياع والصمت المريب , وأنه لم يعد يُسمع فيها سوى صدى أصوات التفجيرات المنبعثة من الكسارات المحيطة بها، بعد أن تهز جدرانها دون رأفة، فتملأ جوانبها أتربة وغبارا ممزوجا بآلالم ما آلت إليها مدرستنا.

وأكد البدور، أنه ومنذ سنوات طويلة وسكان البلدة يطالبون مرة تلو المرة بإنقاذ المدرسة من الدمار والخراب ونقدم مقترحاً تلو المقترح ولكننا للآن لم نجد مَن يسمعنا أو مَن يتبنى أحد مقترحاتنا التي نقدمها بأن يتم تحويل هذه المدرسة إلى مخيم كشفي دائم تابع لوزارة التربية والتعليم تُقام فيه النشاطات والمهرجانات الكشفية على مدار العام.

وأشار إلى أن سكان البلدة طالبوا بأن تقوم مديرية التربية والتعليم للواء المزار الشمالي باستعمال أحد المباني الحديثة في المدرسة كمستودع كتب للمديرية، أو أن يتحول الجناح التراثي من المدرسة إلى متحف يتبع لوزارة السياحة والآثار تُعرض فيه الآثار من اللوحات الفسيفسائية والأواني الفخارية والقطع المعدنية التي عُثر عليها ضمن أراضي خِرب صمد الأثرية، بدلاً من نقلها إلى سرايا إربد أو إلى مستودعات دائرة الآثار في إربد خاصة.

وأشار إلى أن قرية صمد مدرجة ومنذ سنوات طويلة على المسار السياحي للواء المزار الشمالي، حسب ما كان يفيد به المسؤولون في مديرية سياحة إربد، ويمكن أن يُعرض في المتحف – إذا تم إنشاؤه- الحجارة التراثية من بيوت قرية صمد والتي تٌزينها الرسومات والنقوش والكتابات المختلفة والتي تعرضت -مع مرور الزمن دون أن تجد رعاية أو اهتمام -للسرقة أو الاعتداءات والتخريب.

وقال إن سكان البلدة اقترحوا أن يتم تحويل المدرسة إلى مراكز شبابية تتبع لوزارة الشباب، لا سيما وأن الساحات والقاعات المطلوبة لإقامة النشاطات المختلفة متوفرة في المدرسة، مؤكدا أن تلك المطالبة باءت بالفشل ولم ينفذ شيئا منها على أراض الواقع على الرغم من مرور السنوات، حيث باتت محتويات المدرسة معرضة للعبث والتخريب والاعتداء.

وعلى صعيد متصل , أشار  رئيس مجلس محلي صمد الأسبق سميح أبو دلو في احاديث صحفية حول موضوع المدرسة , بأن المجلس خاطب في وقت سابق الجهات المعنية من أجل المحافظة على المدرسة التراثية ووقف ما تتعرض له من تخريب وتكسير لمحتوياتها، إلا أن جميع المطالبات باءت بالفشل، واكتفوا بتعيين حارس، وأصبحت المدرسة مهجورة وتعرضت قبل سنوات للتخريب من قبل مجهولين.

وقال إن مدرسة صمد الأساسية التراثية للبنات في لواء المزار الشمالي تعرضت قبل سنوات إلى العبث وحرق بعض غرفها بعد أن تم نقل طلبتها قبل زهاء 6 سنوات، إلى مدرسة جديدة تم استحداثها , مضيفا  بأن بناء المدرسة شيد منذ 65 عاما بطابع معماري من الحجر والطين، حيث أصبح يشكل حاليا معلما تراثيا في البلدة وفي المنطقة القديمة، غير أن المدرسة أصبحت حاليا عرضة للتخريب بشكل أكبر، ما لم تقم وزارة التربية والتعليم بالحفاظ عليها، وخاصة وأنها مملوكة لوزارة التربية، مؤكدا ضرورة إقامة سور إسمنتي حولها لحمايتها من العابثين , لافتا الى  أن المدرسة تقع في بلدة صمد القديمة، و تبعد عن البلدة الجديدة زهاء 1 كلم متر، في منطقة غير مؤهولة بالسكان.

وطالب أبو دلو بتحويل المدرسة إلى مخيم كشفي أو متحف أثري، نظرا لوقوعها في منطقة تراثية تضم مباني تراثية، ما زالت شاهدة على قدم هذه البلدة، مؤكدا أن المدرسة تمثل تراثا قديما يجب المحافظة عليها من العبث ,مشيرا  إلى أن المدرسة معرضة حاليا لمزيد من العبث والدمار، في حال لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتها، وخاصة وأنها تقع في منطقة بعيدة عن السكان , و أن المدرسة تقع على سفح جبل يطل على العديد من البلدات في لواء المزار الشمالي ومحاطة بالكسارات، عيا إلى الحفاظ على هذا المعلم الأثري من التخريب.

وعلى ذات السياق ؛ فقد أكدت مديرة تربية المزار الشمالي الدكتورة فاطمة طلافحة على  أنه تم مخاطبة وزارة التربية والتعليم لتحويل المدرسة إلى مخيم كشفي لمدارس اللواء، وخاصة وأن المدرسة تقع على مساحة 8 دونمات ، مشيرة إلى أن وزارة التربية والتعليم قامت , وبهدف الحفاظ على المدرسة وحمايتها من ايدي العابثين  بتعيين حارس , لافتة الى أنه سيتم العمل على متابعة الموضوع مثار الحديث مع المعنيين مستقبلا.