كنانة نيوز –
أمة عانت بما يكفي.. لماذا لم نتعلم من رصيد تجاربنا؟
عدنان نصار
تتغير نظرة الناس ، كما يتغير حكمهم على مسألة ما، أو قيمة او تقليد ما ..وتتغير العوامل التي حكمت على الأشياء في حكمها الأول ، وهو بطبيعة الحال قابل للتغيير حسب الموقف ، ووفق متغيرات الزمن والموقف .. وهما أيضا الزمن والموقف ، يتفاعلا مع المتغيرات وفق الظروف وعوامل سابقة وحالية.. ويساهم رصيدنا بالتجارب “الفردية والجمعية.. مؤسسات ودول” في إغراء البحث عن الأفضل، وإغواء النفس الباحثة عن شرف الموقف ، لتنتقل من خطأ الموقف إلى صوابيته، ومن القاع إلى القمة، ومن الإعوجاج إلى الاستقامة ، وننتقل بحكم رصيد تجاربنا إلى ما هو أفضل، وهذا امر بديهي محكوم بفكرة أكثر قابلية للتطبيق، وفطرة إنسانية، ولدينا كأمة عربية ما يكفي من رصيد التجارب مع العدو الصهيوني، والإمبريالية الأمريكية وكل من ينبطح تحت راية محور الشر..، لدينا ما يكفي لأن نتحرك وبشكل جمعي للبحث عن بدائل في تحالفات استراتيجية وسياسية غير تلك الدول التي أذاقت العرب والمسلمين مرار عدم الاستقرار، وشوهت بأنظمتنا العربية السياسية ، قبل أن تسعى لاستعباد الشعوب، بقصد رفع سوية مصالحها، وتوسيع قاعدة رفاهيتها أيضا على حساب الدم العربي، وثروات الوطن العربي ..
ولنا في ذلك تجارب طويلة وعميقة ومريرة .!! رصيدنا من التجارب كأمة عربية توحدها الجغرافيا ، ويدعمها قوة التاريخ، ولغة الضاد تجمعنا ، ولدينا من الدين “الاسلام والمسيحية” ما يكفي لان نتوحد كما نوحد الله..! يبدو ان كل هذه الشروط المتوفرة ، غير كافية “للوحدة”.. وانها لا تتطابق مع الكيانات العربية ألتي غالبا ما تخطيء في تعبئة استمارة البيانات المتعلقة براحة الشعوب واستقرارها ورفاهيتها ..لنسأل بلسان جمعي :ما الموانع من تحقيق ذلك ، والحفاظ على تلك الكيانات العربية وانظمتها “معززة مكرمة” لطالما انها تنبهت إلى شعوبها المضطهدة والذين يعيشون في غالبيتهم تحت خط الفقر ، وعلى وقع سياط الجوع ..
ما الذي يمنع من استرداد كل تلك التفاصيل البسيطة والشرعية بهدف إنقاذ الشعوب من سياط الجلاد الأمريكي الذي يسعى إلى اركاعنا من أجل رفع “هامته” على حساب الثروات العربية .؟! يفترض العقل البشري ، والشروط المتوافرة ان كل هذا من الممكن تحقيقه ، وأعتقد أن القناعة في الشارع الشعبي العربي آخذه بالتزايد خصوصا بعد السابع من أكتوبر وما تلاه من عدوان سافر ودموي من لدن جيش الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غز، ذلك أن المئة يوم من العدوان أسقطت كل الافتراضات العربية الشعبية المبنية على حسن النية عند امريكا ، صاحبة اليد الطولى بقوتها المفرطة في هذا العالم، ولن تتردد بإستخدامها وفق مقتضيات مصالحها اولا على قاعدة “أمريكا أولا” حتى لو اقتضى الأمر إبادة نصف سكان الكرة الأرضية ..هذا ديدن أمريكا كما هو ديدن الاحتلال الاسرائيلي .!!
والأمر لا يحتاج إلى تحقق اكثر من الحقائق الموجعة التي نعيشها راهنا في غزة وفلسطين ، كما عشناها في العراق وما تلا الثاني من آب عام 1990 ..لا نحتاج إلى أدلة أكثر من القائمة، ومن المؤسف اننا ما زلنا نراهن على “العدالة الأمريكية” الزائفة التي تكيل بمكاييل منحازة إلى الاحتلال الاسرائيلي ومنحازة إلى مصالحها، وغير ذلك فليذهب الجميع إلى الجحيم .!! وهنا ، نذكر ..كم مرة نفذ الاستعمار الاستيطاني الصهيوني بالتعاون مع الدول الإمبريالية مخططات بالوطن العربي ..، وكم مرة “إنقرصنا” حد الصراخ من امريكا وساستها ، وكم مرة أمريكا لوت اعناقنا بقوتها المفرطة لصالح الاحتلال الاسرائيلي.. ازاء ذلك تبقى الانظمة العربية والاسلامية ملتزمة الصمت ، رغم قدرتها على الكلام ، وربما الفعل ايضا بما يتفق مع مصالح امريكا وبقاء الكيانات العربية كما ذكرنا “معززة مكرمة”..
ربما، تنقصنا القرارات السيادية لرفع الصوت في وجه أمريكا..” لكم مصالحكم ولنا مصالحنا واقصد الشعوب ..كما هو الحال (لكم دينكم ولنا دين)..لكن ،يبدو أن أمريكا، راعية “العدل والقيم” تتقن فن التكيف مع رفاهية شعبها ، وتجيد لعب التزييف في وجهات نظر لا تلتقي مع مصالحها.. مشكلتنا الرئيسية كأمة عربية واسلامية لا تكمن بأنظمتنا السياسية القطرية، بل في أمريكا التي تفرض بقوة البطش ولغة الدم شروطها، ولنا في “الهنود الحمر” عبرة، ومنهم نستلهم الصبر ..!! ..كما نصفق لمارتن لوثر حين قال : ” حان الوقت كي نجعل العدالة حقيقة لجميع الناس.”… أمة عانت بما يكفي، رغم امتلاكها رصيد هائل من التجارب، ومخزون استراتيجي من الأوجاع، وفائض من احلام بسيطة في تفاصيلها، كبيرة في قيمتها وقيمها..!!