18
كنانة نيوز –
استدعاء السفير الأردني من “تل أبيب”.. غ.زة خط الدفاع الأول عن الأمة.. “لا تلطموا المقاومة.. فهي صدر الدفاع وظهر الحماية “
عدنان نصار
سحبت عمان مساء الاربعاء، سفيرها من “تل ابيب” وهي خطوة مهمة بلا شك، رغم مجيئها متأخرة، وطلبت الاردن من سفير العدو الاسرائيلي عدم العودة إلى عمان، حتى إشعار آخر، اي حتى وقف العدوان الهمجي الاحتلالي على غزة ..،خطوة عمان في الاتجاه الصحيح، رغم الرغبة الشعبية الأردنية التي كانت تتطلع إلى طرده منذ السابع من أكتوبر، غير أن التأني الاردني الرسمي في هذا الموضوع كان على ما يبدو له أسبابه ومسبباته، التي لم يتطلع اليها الشعب ولم يؤمن بتلك الاسباب او حتى مقتنع بها ..ولعل الضغط الشعبي الأردني في الشارع منذ بدء العدوان النازي، أدى إلى تغيير مسار مسألتين مهمتين: تعزيز الموقف الأردني الرسمي الذي أعلن وقوفه إلى جانب غزة فور وقوع العدوان، وعمق الحراك الشعبي الاردني الموقف الرسمي ومنحه جرعه اضافية من المساندة في اتخاذ قرار سحب السفير الاردني، وعدم عودة سفير العدو ..فيما، تعلق العامل الثاني من المعادلة في تغيير مسار الخطاب الاعلامي الرسمي وعبر كل أدواته المرئية والمسموعة والمكتوبة والألكترونية في خدمة المعركة التي تخوضها المقاومة في غزة، وتشبيك إعلامي علني هذه المرة مع بعض قادة حماس، ومنحهم مساحة اعلامية لتعزيز حضورهم، في رسالة واضحة على ما يبدو للإحتلال الذي تمرد وتنمرد وضرب عرض الحائط بكل القيم الاخلاقية والإنسانية والمعاهدات الدولية البينية الموقعة مع الأردن او مع السلطة الفلسطينية (اوسلو) ..
هذا الانقلاب في الموقف الرسمي الاردني، وخطابه الاعلامي تماهى مع الشارع الشعبي، وتوحدت ايقاعاته السياسية، وحدد بوصلته ووجهته نحو غزة ودور المقاومة البطولي في التصدي لعدوان همجي قذر يتلذذ قادته في رؤية أشلاء الأطفال والنساء والشيوخ والدمار ..هو جزء من سلوكهم الدموي مذ كانوا في محيط أحياء “الغيتو” في شتاتهم حيث مارسوا وساخة تليق بسلوكهم الاجرامي.
المجازر المتتالية التي ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة ومدنها وحاراتها ومخيماتها وشوارعها، تعطي دلالة مؤكدة على حجم خسائرهم العسكرية وجنودهم سواء “المرتزقة”،أو تلك التي يسمونها ب”النخبة” في المناورة البرية داخل غزة ..
وفي العودة، إلى استدعاء السفير الأردني، والطلب من سفير العدو عدم العودة إلى عمان، صبت في اتجاه صحيح، لثقة رسمية اردنية وشعبية ان “اسرائيل” لا امان لها، فهم بطبيعة الحال قتلوا الأنبياء، ونكثوا العهود عبر تاريخهم، هذا الإدراك الأردني الرسمي لنوايا الاحتلال المعروف مسبقا، تعزز بعد السابع من أكتوبر، ووضعت الإدارة الاردنية السياسية على سلم اولوياتها بند (التعزيز) رسميا وشعبيا واعلاميا، لرسم خط مواجهة مفترضة قد تحدث في الميدان ..
المقاومة الفلسطينية في غزة، عمليا تدافع بصدرها عن فلسطين الوطن والهوية، ثم الدفاع عن العمق الجغرافي الأردني ظهر فلسطين وساندها ..وبصرف النظر، عن أي سيناريو محتمل في العدوان الاسرائيلي على غزة، فهو مرشح للانتقال إلى (3)محاور مجاورة على وجه التحديد (الاردن،سوريا،ولبنان) سيناريو محتمل وهو موضع اهتمام ومراقبة حثيثة من هذه الدول داخليا وحدوديا ..والمقاومة الفلسطينية في غزة وحجم صمودها الاسطوري وقدرتها وإقتدارها على إدارة معركة في منطقة جغرافية ضيقة عرضا وطولا (قطاع غزة) أمام هجمة همجية احتلالية مدعومة بكل انواع العدة والعتاد والمال من دول “كبار” وفي المقدمة بالطبع أميركا راعية “العدل والسلام” والمتبجحة بحقوق الإنسان والديمقراطية التي تتفق مع مصالحهم الشيطانية على حساب الدم الفلسطيني والثروات العربية ..، كل هذا الإدراك الأردني الشعبي والرسمي أدى بطبيعة الحال إلى قلب المسارات، وربما يصل بحكم الظلم من قبل الطغاة “الصهيواميركية”الى قلب الطاولة، وإخراج العربة عن سكة كانت تظن أميركا وطفلها اللعين الاحتلال الاسرائيلي ان ليس بمقدور احد إخراج العربة عن السكة ..يبدو ان أميركا، وهنا اقصد “العشرة البررة في البيت الابيض” قد شعرت بهذا وراحت تغازل ببيانات سمجة وسخيفة ولا قيمة لها دول عربية، إلى جانب محاكاة الشعب العربي والإسلامي بما فيهم بالطبع الشعب الفلسطيني بقرارات أميريكية لتعطي لنفسها شرعية “العدالة” وهي منها براء.!!
وبصرف النظر عن بوارج “ايزنهاور و جيرالدفورد ” القريبة من شواطئنا العربية، لم يعد لاميركا اي وزن شعبي عربي بعد أن إعلانها الفاضح بانحيازها لإسرائيل..سياسة غبيه،وغنية عن التفصيل، ربما، لكنها في النتيجة لا تصب مطلقا في مصالحها المهددة سواء على اليابسة العربية او الماء العربي ..فالظلم ظلمات، وقد يصل مستوى الغضب الشعبي إلى حالة فلتان بعد أن دخل عمليا في حالة غليان بعد المجازر والمحرقة والمذبحة النازية بحق أبناء غزة، على يد طغاة وعصابات جائوا من أحياء “الغيتو” .
مخجل إلى حد القيء، هذا الصمت لعالم يزعم انه “حر”، وايضا مخجل إلى حد “الريبة” صمت عربي رسمي عند دول كنا نظن انها ستفعل شيئا إزاء مستوى الجرائم التي ترتكب بإسم “الدفاع عن النفس” .!
ما فعلته “اسرائيل” من جرائم حرب بدعم
” الأربعة البررة الكبار” في غزة، ممكن ان يحدث في اي دولة عربية اذا تركنا ظهر المقاومة مكشوف للجلاد ..فالاحتلال اول ما فعله قطع الماء، والكهرباء ومنع دخول الدواء والغذاء عن غزة، ما الذي سيمنعه اي الاحتلال من تكرار هذه الجريمة مع أي دولة عربية اذا لم تطاوع اهوائه او تعارض مصالحه، وبناء على هذا لا بد للدول العربية التي تأخذ الماء والكهرباء من الاحتلال من إعادة النظر بهذا الملف ..ووضع النقاط على الحروف بسيادية مطلقة، دون اي تدخل رزل لاحتلال وقح، تمادى وزمجر وتنمرد بما يستدع إعادة الثور إلى اصطبله.!
كاتب وصحفي اردني