الحلقة ( 25 – 26 ) من رواية شارع ايدون.. اضاءات من الذاكرة / د.محمد حيدر محيلان

كنانة نيوز –
من رواية : شارع ايدون: اضاءات من الذاكرة
د.محمد حيدر محيلان
الحلقة الخامسة والعشرون
1975-1987
هاتف ابي السيد زكي التل على مسمعٍ من ابي علي …وكان التل مديرا للتنمية الاجتماعية في اربد ،.. وطلب والدي منه مساعدة العجوز شارحاً حالته ، وادراج اسم الرجل العجوز مع المنتفعين من رواتب التنمية، وطلب التل ان يحضر الرجل ومعه استدعاء واثبات هوية… فكتب ابي الاستدعاء شارحاً حالة العجوز وسلمه لابي علي…
– بتروح لعند زكي التل وبتقله انا ابو علي.. الي حكالك عني ابو محمود وسلمه الاستدعا…
وفعلاً تفضل مشكورا السيد زكي التل وادرج اسمه واصبح ياخذ راتبا من التنمية الاجتماعية يستر كبرته وعجزه وهوانه وضيق ذات يده.. وهذه تذكر للتل وتعاونه فما كان يرد طلب لمحتاج..)…
كان ابي عندما يحضر للمحل يتفقده، ويراجع السجلات دفتر الموجود والمبيعات ، ودفتر الديون ، وكان دفتر الديون يعج باسماء كثيرة. ، وكان ابي يقول (الدين ضال الا ما رده الله)ومع ذلك لم يعارض على بيعنا للناس بالدين رحمة وتفريجاً للكرب ونظرة الى ميسرة، وكان كثير من المدينين لا يعودون للسداد،، ثم كان ابي عند الساعة العاشرة يرسل مبلغ مبيعات الامس ، معي او مع احد اخوتي الموجودين، لبنك الاردن ولم يكن وقتها بنوك اسلامية في اربد ، حيث تم تاسيس البنك الاسلامي الاردني عام 1978، وحيث تعامل التجار يكون بواسطة شيكات، فكان يحرر شيك للمحاسبين يتم سحبه عن طريق البنك وكان مدير بنك الاردن انذاك (عواد الخالدي) ، ثم كان والدي يجلس ع الكرسي الكبير( اشبه بكنبة وله مركيان ) وبقية الكراسي خشب وقش من اعلى، ويقرأ الجريدة كاملة وكنا نبيع (جريدة الراي) وقتها ونضعها بباب المحل، وكان وكيلها عوني حجازي..وكان يحضر وجهاء وشيوخ اربد فرادى وجماعات وكان اكثر المترددين ابو سمير ارفاعي بك الحمود كونه جارنا ويقطن في شارع ايدون ثم الشيخ علي الزيناتي ابو مثقال والشيخ عيسى خليل جوينات والباشا محمود الخالد الغرايبة فلا بد ان يمر احدهما ويجلس عند والدي… فكنا نُجلِسْ هؤلاء على الكرسي الكبير (الرئيس) احتراماً واجلالاً …وقد جلس على هذا الكرسي مئات من رجال الدولة وكبارها وما زال الكرسي لدينا نحتفظ به تخليدا لذكرى هؤلاء الكبار وتاريخ المحل….
وكنت احضر للضيوف الشاي انا او من يكون من اخوتي داخل المحل… وربما تناولنا جميعا الفول من عند مطعم الاردن ناصر طلفاح، ونحضر الخبز من عند ابو حسين الطعاني وكنا نحتفظ دائماً بقلن زيت زيتون بلدي (سومي ) المنشأ نسكب على صحن الفول، وكان يرافق صحن الفول فليفلة مكبوسة تفتح الشهية،…. ثم تاتي كاسة شاي (غزالين اسود فرط ورقة عريضة من صندوق الشاي الكبيرمن داخل المحل) في مطرحها تعَدِلْ الكيف. …
فقد عشت هذا السلوك والتقليد في تبجيل الضيف واحترامه في محلنا من قبل الوالد وجميع اخوتي وكما يروي اخي ( حابس ابو بلال) (رجل الاعمال المعروف وكبير وعميد العائلة )ان هذا كان ديدن الوالد وسلوكه في الحياة يحترم الناس وينزل الرجال منازلها ، حيث زامل اخي حابس والدي بالعمل التجاري من نهاية الخمسينات ولغاية نهاية الستينات، في محله الاول الكائن في نهاية شارع البارحة مكان مجمع فوعرا الان وغرب البلدية ، وفي محله الكائن في شارع ايدون الذي انتقل اليه في عام 1962 حيث كان والدي يستقبل الضيوف ورجالات اربد والشمال ورجال الدولة وكان المحل مجلس ادبي ثقافي تعقد فية رايات الصلح والتوفيق بين المتخاصمين ورد الحقوق لاصحابها وتسوية الخلافات بين العشائر والمشاركة في المؤتمرات الوطنية ، ومحجاً للسائلين والملهوفين والغارمين ، فليس غريباً هذا الواقع الذي وعيت عليه انا واخوتي ونهجناه من بعد في المحل … فكان احترام الناس واجب لدينا ومجلس المحل الادبي متوارث لدينا جميعنا…
في المساء وعند الغروب كعادته تأهب ابي للرواح … وبقينا انا واخي حسوني( مساعد امين عام وزارة التجارة سابقاً ورئيس مجلس ادارة الاسمنت الابيض حالياً) … كان اخي حسوني من اقل اخوتي عملاً بالمحل حيث كانت دراسته الثانوية بالربة زراعي ثم التحق بالمعهد في سوريا وعاد للمحل بعد ان عمل في وزارة الزراعة لفترة سنتين ثم غادر للدراسة في باكستان…
– جلس اخي حسوني كعادة الاخ الاكبر على الكرسي (الرئيس )وكان له ندماء يحضرون اليه منهم الاستاذ وحيد ابن الشيخ علي الزيناتي والاستاذ فواز الردايدة وهاني ابن الشيخ محسن اسماعيل العزام وغيرهم وكان اخي حسوني يتمتع بحس أدبي ويحب المطالعة وكان يلعب الشطرنج وقت ركود البيع وفي اخر الليل مع ندمائه، وانا تاثرت باخي حسوني كثيرا بحب المطالعة …
– حسوني : محمد روح على مكتبة عطية اشتري هذا الكتاب وكتب اسمه عى ورقة (تهافت الفلاسفة للغزالي )… واعطاني ثمن الكتاب وذهبت اشتريه..
الحلقة السادسة والعشرون
من رواية : شارع ايدون: اضاءات من الذاكرة
1975-1987
عدت واحضرت كتاب تهافت الفلاسفة ،،من مكتبة عطية على اليمين وانت طالع باتجاه سينما الدنيا من شارع بغداد وهي من اوائل المكتبات في اربد ومكتبة الجهاد في شارع الهاشمي وكذلك كشك الزرعيني امام ميدان الملك عبدالله مقابل مطعم احمد الفلافل…،كنت في هذا الوقت من عمري ادرس في مدرسة حسن كامل الصباح، وهي المدرسة الرشدية القديمة التي بنيت في عام 1319 للهجرة الموافق 1900 للميلاد وتعد اول مدرسة في اربد بنيت لتكون مدرسة ابتدائية تسمى «المدرسة الرشدية» وتتكون من ستة صفوف ثم يلتحق المتخرج منها بمدرسة «عنبر» في دمشق لاتمام دراسته بمستويات الصفوف العليا.
وبقيت بهذا الاسم حتى عام 1925، ثم أطلق عليها العثمانيون اسم «التجهيزية»- حتى صدور الدستور الأول للدولة الأردنية عام 1928، وبقيت بهذا الاسم لعام 1942 لتحمل اسم «إربد الثانوية للبنات» حتى عام 1958. ومن بعدها مدرسة حسن كامل الصباح الفرع الادبي للبنين )حتى يومنا هذا.
وسميت المدرسة بهذا الاسم نسبة الى العالم اللبناني الذي ولد في مدينة النبطية وله العديد من الاختراعات في الكهرباء ونظريات في الرياضيات والفيزياء. وفي العام 1927 تخرجت الدفعة الاولى من المدرسة «الرشدية» بشهادات تعادل مستوى الثانوية العامة حاليا ومن بين الذين تخرجوا في ذلك العام: صياح الروسان ونجيب الرشدان وسليمان حجازي وفوزي الملقي وابراهيم الشرايرى وجميل برهم سماوي، وعدد من رجالات الاردن وقراها ومنهم من تسنم مكانة في مؤسسات الدولة الاردنية.
واول من تسلم ادارة المدرسة هو الاستاذ المرحوم( اسماعيل شركس )من ابناء مدينة جرش الذي عرف عنه الحزم والضبط والربط، وتخرج على يديه جمع غفير من رجالات اربد المعروفين مثل الاخوين صبحي ومحمود ابو غنيمة، والشاعر مصطفى وهبي التل «عرار» ، وخلف محمد التل واخرون، عمل بعضهم ايضاً في اواخر الثلاثينيات والاربعينيات في وظائف حكومية هامة في امارة شرق الاردن انذاك.
وقد درس في هذه المدرس معظم رجالات اربد الكبار وكان والدي احد طلابها ويزامله وصفي التل، وحمد الفرحان، ومحمد الناصر و الدكتور احمد الشرايري، وكثيرين حيث كان عدد الصف (101) وكان استاذ اللغة العربية في تلك الفترة الشاعر مصطفى وهبي التل، وبعد المرحوم شركس تولي ادارة المدرسة المرحوم احمد التل ، والامير الشهاب، وحسن ابو غنيمة ، ومحمد المغربي ، ومحمد المحيسن، وعبدالقادر التنير ، وفريد السعد.
وتعتبر مدرسة حسن كامل الصباح الى جانب مدرسة السلط ومدرسة اخرى رشدية في الكرك من اهم المدارس في امارة شرق الاردن، تؤهل الطلبة من كافة المدن الاردنية للدراسة الجامعية في دمشق وغيرها من العواصم العربية والغربية. اما على زمني فكان مدير المدرسة وانا احد طلابها في بداية عام 1976-1977 في الصف الاول ثانوي ( يحيَّ غرايبة) ومن مديريها السابقين الاستاذ ياسر ابو الحسن وقاسم خصاونة، ومحمد خطاب الحسن،وعبد الحميد البصول،وراشد الحسن ابو زهير ، ويحي الغرايبة، ومصطفى الدبابي يرحمهم الله ، وكان يدرسنا العربي الدكتور الشاعر محمود الشلبي والاستاذ توفيق بطاينة ، والتاريخ علي البلص ، والاستاذ طلفاح ، والرياضيات صالح الزعبي، والدين حسين العمري والانجليزي (ابو حردانة) والاستاذ يوسف ، ارجو من الزملاء تذكيري بالبقية.. والرياضة ماجد بكار ومحمود اللوباني ، واستاذ الاحياء خالد الشيخ ، والجغرافيا الاستاذ صلاح عثامنة ومدير المكتبة احمد شريف الزعبي الدكتور فيما بعد، ومدير التربية والمؤرخ والاديب المعروف،.
وكان سكرتير المدرسة الاستاذ احمد رشيد العمري ،
كنا في الصف الاول ثانوي في مدرسة الصباح وكنا احياناً حاسين حالنا كبار وما نشيل كل الكتب (منجقة) ونربط اكم كتاب (بمغيطة) عريضة ملونة منها ازرق واحمر واخضر كانت موديل طالعة، ونشيل ثلاث او اربعة كتب ونترك الباقي للتخفيف، وكانت عندنا حصة دين وكنا( من لا يحضر الكتاب) يخرج بين الحصص ليستعير كتاب من زملاء الصفوف الاخرى … وحدث أني نسيت احضار الكتاب معي من البيت ،وخرجت التمس نسخة من الصف الاخر … واذ المدير يحيَّ غرايبة بوجهي😫😫
– وين !!؟ تعال… وكان شخصيته قوية وهيّاب ..
يتبع في الحلقة القادمة