عدنان نصار يكتب: بعيدا عن السياسة.. الشاي المعتق في (عمان).. والتبغ الطازج في (دمشق)

كنانة نيوز –

عدنان نصار: بعيدا عن السياسة.. الشاي المعتق في (عمان).. والتبغ الطازج في (دمشق)

عدنان نصار
حط تعليق على مقالتي السابقة في صحيفة “رأي اليوم” من القارئة الفاضلة سوسن ابو زيتون ..شخصيا ،لا أعرف سوسن عن قرب ، غير انني اعرف انها متابعة جيدة لمقالاتي وما انشره ..سوسن ،طلبت ان اكتب عن المكان والانسان، وها أنذا أكتب.
عزيزتي سوسن، بصدق لا اعرف من انت/ي، ولم التقي بك مطلقا، رغم معرفتي بأنك صديقة إلكترونية على صفحتي الخاصة /فيس وتويتر/ ..عموما ، بالأمس كنت اتبختر في وسط عمان الشرقية ، وتحديدا في محيط المسجد الحسيني، وراق لي بعد أذان الظهر مباشرة إن اشرب الشاي المعتق على شرفة مقهى قديم وعريق ..كان الطقس صيفيا بإمتياز ، وكان كل العابرين في الطريق يتسمون بالعفوية، والانشغال باحلامهم ..كانت اكتاف المشاة قريبة حد التلاصق، كما احلام العابرين التي تأبى ان تفارق وسائدهم.
الشاي حلو المذاق ، ويميل لونه إلى التوتي الغامق ، لا اعرف لماذا لون الشاي المعتق اعادني بالذاكرة إلى مقهى “النوفرة” في دمشق القديمة ، كما جرتني الذاكرة من ياقة قميصي إلى “الحميدية” والى “العصرونية” ..عدت بكل قيافتي الوجدانية إلى قبر الخالد صلاح الدين الأيوبي القريب جدا الشمال الغربي للحميدية..تذكرت العبارة الشهيرة المكتوبة على جانب القبر :”قف بإحترام ..انت أمام بطل الأمة صلاح الدين الأيوبي “..،تذكرت دمشق التي لم تغب عن القلب والذاكرة ، وسألت في في سر الذاكرة ، وانا اجلس على شرفة مقهى في عمان العتيقة عن أدق تفاصيل دمشق ..إفطار الصبح الباكر “كعك وحليب” من امرأة تمر من هناك ، عن بائع التبغ الذي يخصني بتبغ طازج ..تذكرت قبر الشاعر العربي نزار قباني في مقبرة دمشق القديمة ..، وبيت الشاعر في حارة مدحت باشا ..تذكرت كل شيء وانا اتابع وسط البلد في عمان ، وأسمع اخبار “مؤتمر جدة” وعودة سوريا إلى عرينها العربي ..سألت النادل الذي طلبت منه كاسة شاي اضافية :”هل غادرت سوريا عرينها العربي حتى تعود.؟” أجاب بالنفي ، قبل أن يبتسم في وجهي ويغادر ..
العزيزة التي لا أعرفها(سوسن) اشكر لطف كلماتك على صفحتي ..ودعيني اتابع ..فسوريا ليست تابعة ولا متبوعة ، ودمشق سيدة العواصم العربية بأرثها وتاريخها وعتقها..،هل تذوقت يوما عصير التوت الدمشقي .؟..فدمشق من أسقطت ورق التوت ، حين تعرض ياسمينها لسهام الحاقدين ، ودمشق من اعلت صوت الصهيل حين خمدت أصوات الخيول ..دمشق مدينة الحالمين بصبح يحلق فيه السنونو على ارتفاعات منخفضة ..كأنه يناغشتا يداعب مخيلتنا ، وحين نتعب يربت السنونو على اكتاف العابرين .
شاي عمان المعتق ، على شرفة مقهى وسط البلد ويأخذني (صدقيني) إلى مديات بعيدة ..الجسد في عمان ، ضفاف الروح ، وبناء القصيدة والنص في دمشق شقيقة عشقنا الأزلي..يااااه ، كم نحتاج إلى عطر “ابو ياسين الغبرة” المقابل لبوابة الأموي ، كم نشتاق إلى الصبر المقشر المغلف بقوالب من ثلج ..يا دمشق يا مدينة الحالمين .
كان بودي ان استرسل ، واروح بإتجاه المفكر والأديب د.علي عقلة عرسان ، أو أزور الروائي الفلسطيني المقيم في دمشق حسن حميد..واطرح السلام على عباس نوري ..، ونشرب سويا قهوتنا الوسط في مقهى “هافانا” ..لكن ، صوت بائع الفول السوداني وسط عمان يناغش اذني ..واتتبع صوت قادم من كشك ابو علي للصحافة :”اطفيء لظى القلب بشهد الرضاب…”!
كاتب وصحفي اردني