عدنان نصار يكتب: ديمقراطية مختطفة ام مفخخة.. هل ستفقد الاحزاب الأردنية بوصلتها؟!

كنانة نيوز –

كتب الزميل عدنان نصار: ديمقراطية مختطفة ام مفخخة.. هل ستفقد الاحزاب الأردنية بوصلتها؟!

زحام في عدد الاحزاب الاردنية ، وحراك ملفت للشارع ،وعراك على المقاعد ..،فوفق الهيئة المستقلة للانتخابات فقد صوب 27حزبا سياسيا أوضاعهم، وحصلت على تراخيصها ،وفق القانون من أصل 54حزب سياسي تقدموا بقصد للترخيص، غير أن نصفهم خرجوا من السباق ، فيما ظل حزب “الشراكة والانقاذ” الأكثر جدلية شعبية، وتخوف رسمي من هذا الحزب الذي أخرج او خرج من المارثون لعدم بلوغه خط النهاية..!!
وعلى الرغم من هذا الازدحام الحزبي في الشارع الأردني، غير أن المشهد البصري للمتابعين لواقع الحراك الحزبي ،يدركون جيدا الأبعاد، ولديهم المقدرة على فك “التشفير” دون جهد عظيم ..،والشارع الشعبي الاردني يعرف أيضا الكثير من المخبوء في هذا الأمر ، الذي اصبح منذ نحو سنة حديث الشارع الرسمي والشعبي ، لدرجة الدفع الرسمي والحث على الانتساب، والبحث عن أعضاء ،والترويج للاحزاب السياسية عبر “آرمات” تعلق على أعمدة الانارة في الطرقات الرئيسية ،ولوحات إعلانية تديرها الدولة ، مما يعني ذلك أن الدولة تحث على العمل الحزبي وتمهد لانتخابات برلمانية حزبية مقبلة.

الازدحام إياه ، والحراك ،والعراك سيؤد إلى غربلة شعبية وإجراء عملية فلترة ،لينتهي الأمر في تقدير العارفين في بواطن الأمور إلى 5 أو 6 أحزاب سياسية، منها حزبين معارضين، هما جبهة العمل الاسلامي الذي يشتغل ضمن دائرة التوافقات مع الدولة ،أو المقاطعة للانتخابات ،فيما يجيء حزب العمال الاردني في خانة المعارضة المبنية على الانحياز الى جانب الناس والفقراء والطبقة المسحوقة والمقهورة، ليشكل ثنائية متناغمة في المعارضة مع حزب جبهة العمل الإسلامي، لكن دون توافقات مع الدولة ..بمعنى ان حزب العمال سيدخل الانتخابات بقوة شعبية مؤثرة تفرض نفسها على اي مسار توافقي مع الدولة ، لتحقيق الحد المعقول والمقبول من اشتراطات حزب العمال في اي محاصصة برلمانية او وزارية في المرحلة المقبلة ،ضمن تحالف متوقع مع جبهة العمل الإسلامي .
قد تبدو مسألة التحالف بين “العمل الإسلامي والعمال ” بحسب وجهة نظر منطقية وقريبة من دقة التوقع هي الأقرب إلى المشهد السياسي الحزبي ..بيد ان لن يتمكن حزب “ارادة” القريب من السلطة من بناء تحالفات مع أحزاب سياسية لها حضورها في مسار المعارضة ، تدرك تماما انه في حال تحالفها مع “ارادة” سيعني هذا السير في طريق “ملغمة” ،ولعل أحزاب مثل :”البعث ، والشيوعي ، والوحدة الشعبية ، المنبثق اصلا عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، وحزب الشعب الديمقراطي الخارج من رحم الجبهة الديمقراطية، إلى جانب أحزاب يسارية أخرى لا تجد نفسها في خندق “ارادة” بل تتعارض مع الحزب الموال الذي لاقى مباركة ودعم رسمي .
أمام هذه الحالة لا مناص أمام “ارادة ” من البحث عن حليف حزبي مبكر ، لذا لجأ الحزب إلى الدفع بإتجاه تأسيس حزب سياسي مبني على خطى “ارادة” وايضا بمباركة رسمية ومن اقطابه الحزب المنوي تأسيسه العين خالد بكار ، والنائب خالد ابو حسان ،والوزير الأسبق وليد المصري الذين بدأوا فعلا الشغل على تأسيس حزب ، ليكون مع “ارادة” في خندق واحد ضمن تفاهمات مع فكر سياسي جمع نضال البطاينة وزير العمل السابق وأمين عام حزب “ارادة” مع اثنين من أعضاء مجلس الملك هما خالد بكار وخطواته في تأسيس حزب ، وجميل النمري الأمين العام للحزب الاجتماعي الديمقراطي المطهم بنكهة اجتماعية يسارية ،لكنه قريب أيضا إلى التحالف مع “ارادة” ..في خضم هذا المزيج الحزبي والمزاج الفكري ، تبقى بقية الاحزاب الموالية للسلطة مجرد رقم ولا تمانع في بناء تحالفات مع أحزاب موالية فقط ، في حال خوضها للانتخابات مثل حزب القدوة على سبيل المثال..
مشهد التحالفات الحزبية المرتقب والقريبة من السلطة ، سيبقى في جميع الحالات ضمن دائرة المصالح في المحاصصة البرلمانية ، فيما تنحصر تحالفات جبهة العمل الإسلامي وحزب العمال ،وربما أحزاب قريبة من ذات الخط.. تنحصر في مربع التصالح مع الذات الوطنية المنحازة للقوى الشعبية ، والناس المقهورين والمنهورين ، الذين ينتظرون نصرة احلامهم ، ورفع القهر عن وسائدهم ، ومحاولات اعادة الديمقراطية المختطفة ، أو البقاء في الطرق المفخخة لاعادة نفس الوجوه والاسماء تحت مسميات حزبية ،وبالتالي فقدان بوصلة وجهة الاحزاب والعودة إلى تجارب سابقة كانت محكومة بالفشل مسبقا.
كاتب وصحفي اردني