دراما رمضان.. والحسرة عليها / أسامة طارق الزعبي
كنانة نيوز – مقالات –
دراما رمضان.. والحسرة عليها
أسامة طارق الزعبي
تتسابق المحطات الفضائية العربية منذ سنوات طويلة، على انتاج المسلسلات والاعمال الدرامية وخاصة في شهر رمضان المبارك ، بين شركات الانتاج العربية ،بهدف جني الأرباح والشهرة على حساب المحتوى الجاد والهادف والمفيد ، ولن اقوم بمقارنة بين الدراما الرمضانية في الماضي القريب ،والدراما التي تعرض الآن ، ولكن مادفعني للكتابة هو السمة البارزة والمشتركة بين معظم الاعمال الفنية الرمضانية المعروضة على الشاشات والفضائيات العربية ، حيث جاءت معظمها مكررة ومعادة بطريقة استعراضية مبتذلة ، واصبحت المسلسلات الرمضانية عرض مبالغ فيه لجسد المرأة وعرض للأزياء ، وايماءات جنسية ، وتكريس سلوكيات العنف والبطش والقتل والظلم والاستبداد والسحر والشعوذة ،والخرافات والخزعبلات التي عفى عليها الزمان ، بدلا من غرس قيم المحبة والتسامح والتكافل والتعاضد بين أفراد المجتمع الواحد ، ونشر الفضيلة لنسمو بواقعنا المرير ونقدم محتوى جيد وراقي يخدم اجيالنا ويعالج قضايانا المعاصرة التي نعاني منها ، ومن باب الانصاف وللأمانة ان هناك بعض الاعمال القليلة والجديدة والمميزة التي تعرض حالياً على شاشات التلفزة العربية.
معظم الاعمال الفنية جاءت اجتماعية متشابهة تحاكي فترة زمنية ماضية بكل تفاصيلها ،مغايرة لواقعنا الحالي الذي نعيش ، مع استخدام بعض الاسقاطات والايماءت التي تمس حياتنا اليومية ،وهذا غير كافي ، لماذا لا نصور الواقع المعاصر الذي نحن فيه ، ونطرح ونعالج العديد من القضايا التي يعاني منها الشباب والمجتمع العربي بشكل عام في إطار درامي هادف وجميل؟
فيما ذهبت بعض المسلسلات التاريخية كمسلسل “الإمام ” الشافعي إلى تشويه متعمد لبعض الرموز التاريخية والدينية ، التي أبهرت العالم بعلمها وأدبها وإنتاجها الفكري إلى يومنا هذا ، والنيل المتعمد لسيرة وحياة هذ العالم الجليل ، لمصلحة من وما هو الهدف من ذلك ؟! ، فيما برزت مطالبات قوية من بعض المؤرخين والكتاب والنقاد بوقف عرض هذا المسلسل التاريخي لإساءته المتعمدة للإمام ، حتى وصل الامر بقيام أحد الشعراء المعاصرين بتقديم شكوى رسمية باستخدام بعض اشعاره ونسبها للإمام الشافعي ؟؟!!.
لماذا لا تخضع الاعمال الفنية التاريخية بالذات للتقييم ، ومراجعة النص من قبل خبراء وعلماء متخصصين ،ليرقى المنتج لمستوى الاعمال الفنية الجادة والمحترمة .
أما الدراما الأردنية فهي غائبة تماماً ، باستثناء بعض الأعمال البسيطة ، والتي لاتمت للأردن بشيئ ، ولا تجسد الواقع والهوية الأردنية ، وحتى اللهجة الأردنية المحكية اشتقنا اليها ، في ظل تراجع الدراما الأردنية بشكل مذهل ، واسبابها معروفة للجميع ، متمنين عودتها كما كانت سابقاً ومنافستها على المستوى العربي.
خلاصة القول وبرأيي المتواضع أن هناك جهات تعمل وتمول وتوجه الدراما العربية بشكل عام “بالمال الأسود” من اجل هكذا محتوى هابط يستهدف الاجيال الصاعدة وتشويه بعض رموز الأمة ، وتكريس بعض السلوكيات الخاطئة ، والاساءة لحرمة رمضان المبارك ، لاننا بصراحة اصبحنا نغلب المال والشهرة ، على حساب الاخلاق والقيم والدين ، حتى اصبح بعض مشاهير وابطال السوشيال ميديا الفارغين فكرياَ يتقدمون على العلماء والمفكرين ، ويقودون الرأي العام نحو الهاوية.