
البطالة والتعليم / د. لانا محمد عبيدات
كنانة نيوز – مقالات –
البطالة والتعليم
د. لانا محمد عبيدات
هذا هو المعتقد الشائع في البلاد التي تعاني نسباً مرتفعة في البطالة، فهناك من باع أرضه ليعلم أبناءه، وهناك من رهن بيته، وهناك من باعت ذهبها، وهناك الكثير من البيوت التي تعاني تُخمة في الشهادات المعلقة على جدرانها دون أيّ عائد يُذكر , ومن يتحمل الخطأ بالدرجة الأولى هم صنّاع السياسات التعليمية، ومن ثم المجتمع الذي يتجه نحو تخصصات بعينها ويتصور أنها الجنة ونعيمها..
قبل سنتين كان يتخرج طالب كل 16 دقيقة تقريبا، وهناك بطالة متراكمة في جميع التخصصات بما فيها الطب وغيره. والان تتراكم أعداد الخريجين وتزداد وترتفع معها نسبة البطالة بشكل غير مسبوق , وأنه لم يعد مستغربا أن أرى خريجا جامعيا يعمل كاشيراً أو سائق تكسي أو بائعا في محل خضار أو عاملا معمل طوب. انكسرت ثقافة العيب عند كثير من أبناء هذا الجيل، وهذا أمر في غاية الأهمية وربما يكون واحدا من أحسن نتائج الواقع المرير..
ولكن هل تبني هذه الأعمال بيوتا وتؤسس أسرة، ربما لكن ليس بالحال المثالي الذي نطمح إليه جميعا..
وأنني لا زلت أذكر منهج والدَّيّ – جزاهما الله عني خيرا – في توجيهي نحو العمل. ورغم أنني لا أحب الكتابة كثيرا عن نفسي لكن هذا مثال أسوقه للضرورة. كنتُ أصلي الفجر ثم أذهب رفقة والدي نحو مناطق الكسارات نأتي بالرمل والطوب والحجارة لأعمال البناء، وعندما يغيب العامل كنت أحمل بيديّ، تعبتُ كثيرا بل كان يسيل الدم من أطراف أصابعي
في مثل هذه الأيام الباردة. مع كل ذلك صبرنا وكنا نعمل بجدّ، ونقول اللهم رزقا حلالا واسعا مباركا فيه..
كنتُ طالبة جامعية وقتها، وكنت استمتع بالعمل إلى جانب الدراسة رغم مشقة كليهما. وكان عندي يقين بأن الدراسة طريق من طرق الرزق لكنها ليست كل شيء، فإن أغلقت هنا تفتح هناك، ولعل الله يبارك لي بالشهادة وتكون طريقا في يوم من الأيام، فكانت..
لماذا أقول هذا؟ لأنني أرى كثيرا من المحبِطين الذين يوزعون صكوك اليأس هنا وهناك، ويفترضون أن الواقع الأليم الذي أصابهم لا بدّ سيصيب غيرهم..
أكتب لأقول: ” واجبنا أن نأخذ بالأسباب متوكلين على الله. نبذل جهدنا ونقول يا رب. ندرس ونخلص النية لله ونطلب العون من الله، ونبرأ إلى الله من حولنا وقوتنا”
لا تلتفتوا للكلام المُحبِط, ادرسوا وتعلموا، ولا تخجلوا من العمل الحلال، ولا تطلبوا الراحة فإن طلب الراحة هو أسرع الطرق للفشل والخسارة .