ضمن فعاليات إربــد عاصمة الثقافة العربية منتدى الفكر الإشتراكي يقيم أمسية قصصية

كنانة نيوز- ثقافة –
ضمن الفعاليات الثقافية لمدينة اربد عاصمة الثقافة العربية ، وبالتعاون والتنسيق مع وزارة الثقافة ومديرية ثقافة اربد ، أقام منتدى الفكر الإشتراكي –اربد- مساء اليوم، ( مسابقة قصصية ) شارك فيها كل من القاص (وليد فاضل جرادات ) والقاص (محمد عبدالله الطاهات ).
وعقب على القصص ، كل من الناقد هوازن الصليبي والأديب أبومنيرأبو الرب والناقد هاشم خليل ، إلى جانب رصد محلاظات الجمهور وتفريغها في نماذج خاصة، للإستئناس بها عند فرز النتائج النهائية . وقدم الأمسية وأدار الحوار الناقد الشاعر أمين الربيع. وفيما يلي نص قصة “لعبةُ الجَور” للقاص ” وليد فاضل جرادات .”

قصة “لعبةُ الجَور”
للقاص ” وليد فاضل جرادات ”
كل الطرقات تعرفني .. مشرد .. والعالم ينبذني .. زمام أمري بيد طغاة .. ومهب الريح مسكني ..
مشردٌ .. نعم مشردٌ .. وفي بلادي يسكن الموت .. ولي أخوة عشرة تاهت بهم الاسفار .. وأبي لم ترحم شيبته قدم طاغية داست لحيته والشارب .. تضرج وجهه بالدماء ، أمام عيني أمي ، وصغار شقيقي الأكبر .
نعته أختي بحرقة ، وسكبت فوق جبينه عبرات ودعت بها كل سكينة يحلم بها البسطاء .
مسكينة أختي كبلت أحلامها إلى غير رجعة .. وراحت تلملم أحزانها فوق قبور ضمت : أم حانية ، وأب لن يأتي الزمان بمثله ، وأخوة كل ذنبهم أنهم قالوا : ما عاد لنا صبر على جوع ، وجور ..
تزوجت أختي الحقد ، وأسلمت أمرها إلى طاغية بعمامة الورع .. زرع في أحشائها طفلاً مسخاً بين التقوى والفجور ، بين الطيبة والخبث .. طفلاً جبل من طيش الجهلاء ، وجور الطغاة ، وشيء مما كان عليه بعض الصالحين .. طفلاً لو كان الشيطان يُري ، لحار الناس أي الإثنين إبن شقيقتي ، وأيهما الشيطان ..
نشأ إبن أختي ضالاً مضلاً .. هيئته تظهر الورع والتقى .. وباطنه الكفر والتكفير .. مَسخ من ظهر مَسخ .. خرج من أحشاء ملاك .
تاهت أختي بين قيم نشأت عليها ، وتربت .. وبين فكر هجين .. جرّتها إليه الظروف ، ووسوسة شيطان لبس عباءة الورع ، وثياب الدين .. وصْفُه زوج ، رسم لها الكون غابة من الملحدين … وزرع فيها أن رسالته في الحياة تطهير الكون .. أغرقها في بحاره .. بحار الظلالة .. وصور لها أشياء كثيرة ، لا تكون حتى في الخيال ..
بدأ الشك يتسرب إليها ، وينشر ظلاله .. وشرعت تبحث عن الحقيقة ، تارة بالسؤال ، وتارة بالبحث في الشبكة العنكبوتية ..
ودام الحال شهوراً ، حتى استطاعت التواصل معي .. أخبرتني بما حل بها ، وبما صار .. وأخبرتها بما انتهيت اليه من تشرد وضياع .. اطمأن كل منا أن الآخر ما زال على قيد الحياة .. وبادرتني بسؤال : هل حقاً أن البغاء جهاد ؟ وهل حقاً أن كل من لم يطلق لحيته كافر ؟ وهل .. ؟ .. وهل .. ؟ .. وهل .. ؟
احترت من أين أبدأ .. وكيف أجيب .. وما أن شرعت بكتابة أول حرف من إجاباتي على تساؤلاتها .. حتى غُلِّقَت بيني وبينها سبل التواصل والاتصال ..
فقد اكتشف الطاغية أن سراً من أسرار سطوته قد خرق ، وأن أختي بدأت تسترد بعضاً مما سلب منها .. وتعود إلى شيء من الرشد ، فبادر – بمساعدة ابنها المسخ – إلى رتق الخلل ، وقضى أن اليد التي خطت تساؤلاتها ، واللسان الذي تكلم ، يجب أن يبترا ..
قدر أختي ألا تخرج من وحل ذلك الوغد .. وقدري أن أبقى مشردا .. منذوراً للنكبات .. قدرنا أن نكون حرفاً في سفر الشقاء .. جزءً من لعبة الجور .. تلك اللعبة التي يمتد تاريخها منذ الازل .. لعبةٌ فيها الجاني ، الباسط نفوذَه حدّ الأفق .. والمجنيّ عليه ، القابض على الجمر .. لعبةٌ فيها الشر دائماً ينتصر .. والقويُّ فيها يأكل ما تيسر له من ضعيف .. لعبةٌ أشد قسوةً من القسوةِ .. وضَعَ قوانينها شيطانٌ همه أن يبدل صالحاً بطالحٍ .. نجح في شراء العبيد .. وسعى إلى تنصيب أحدهم سلطاناً .. وكان له ما أراد .
وضعت رقعة الشطرنج .. ووزعت المهام : هذا ملكٌ ، وهذا وزيرٌ ، والفيلُ أمره بيد لاعبٍ كبيرٍ ، أما الحصانُ فقد بيع منذ زمن ، وأستُبْدِلَ به واحدٌ من عاجٍ ، أو حديدٍ ، أو نحاسٍ .. المعدن غير مهم .. غلا ثمنه أو بخس .. ما هو سوى تمثال يوضع حيث شاء من صنع الرقعة ، وحدد له المسار .
أما القلعةُ ، والحِصنُ الحَصين .. فباتت سجناً لكل شريفٍ .. ولكل من قالَ للظلمِ : لا .. استبدلوا بها على رقعةِ الشطرنجِ مجسماً يحتلهُ من فازَ .. وأُعْلِنَ لهُ الانتصارَ .
والمساكينُ جنودُ الوطنِ .. أصبحوا دميةً بيدِ من يُحْسِن اللَعِبَ .. متْ .. فيموت .. ويستبدلُ بالألف منهم أسيرٌ للخصمِ قامت الدنيا لأسرهِ ولم تقعد .
وإن قيل للملكِ : ( كش) .. زهقت دونه كل الأرواح .. ودمرت دون قصرِهِ البيوتَ .. وسبحَ الكونُ في بحارٍ من الدماءِ .. وحين يشاءُ أمهَرُ اللاعبين إسقاطَهُ .. يسقطُ دون عناءٍ .
لعبةٌ صنعها شيطانٌ .. رفع فيها أقواماً .. وأسقطَ أقواماً .. وتدورُ الأيامُ .. ويحلُ ليلٌ .. ويتبعه النهارُ .. ويرحلُ سندبادٌ ليعودَ .. فيضعُ عنه عصا الترحالِ ، ويقولُ : قد كان هنا أقوامٌ.

لا يتوفر وصف.

لا يتوفر وصف.

لا يتوفر وصف.