15 منظمة وجمعية حقوقية تحذر من اقرار قانون الطفل/بيان

كنانة نيوز –
حذرت  منظمات وجمعيات  تُعنى  بحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل والأسرة ؛ من اقرار قانون الطفل الذي  قدمته حكومة بشر الخصاونة الى مجلس النواب ، على اعتبار ان هذا القانون سيتسبب بخلق إشكاليات مجتمعية، سنضطر عاجلا أو آجلا إلى مواجهتها بحلول ربما لا تنسجم مع هوية مجتمعنا.
واكدوا من خلال بيان تفصيلي اصدروه ، تناول هذا البيان  قراءة مسيحية  لبنود القانون المقترح ، مرتكزاته و المبادئ التي يقوم عليها ،  كاشفين بحجة وبيان -لا يمكن دحضه- محاذير القانون وانعكاساته الخطيرة على الاسرة والمجتمع والمنظومة الاخلاقية و القيمية التي تميز مجتمعنا وتشكل هويته الحضارية .
الموقعون  على البيان اعلنوا انهم يبرأون من  بعض ما ورد فيه أمام خالقهم ومجتمعهم وأمتهم، وسيكون  حجه  على  واضعيه و مقريه والمروجين له امام الله سبحانه وتعالى ..
وتاليا نص البيان الهام كما وردنا من الموقعين :
بسم الله الرحمن الرحيم
دولة رئيس مجلس الأعيان حفظه الله …
معالي رئيس مجلس النواب حفظه الله …
السادة أصحاب الدولة والمعالي والسعادة أعضاء مجلسي الأعيان والنواب المحترمين .
السلام عليكم ورجمة الله وبركاته
الموضوع : مذكرة حول مشروع قانون حقوق الطفل المقدم من الحكومة إلى مجلس الأمة
نحيطكم علماً بأننا نحن مجموعة من منظمات المجتمع المدني المعنية بشؤون حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل والأسرة والجمعيات والشخصيات الوطنية والحقوقين؛ قد اطلعنا على مسودة مشروع قانون حقوق الطفل، الذي سيعرض على مجلسكم الكريم في دورته الحالية لإقراره؛ وانطلاقا من واجبنا الوطني، ولحرصنا على الحفاظ على البنية القانونية المتكاملة للتشريعات الأردنية، وعلمنا بإن أي تشريع جديد يجب أن يكون لغاية وحاجة فعليه مجتمعية موجبه لتشريعه او لتغطية قصور تشريعي في علاج قضايا معينة مرتبطة ببعضها، ولأن التشريعات يجب أن تكون متكاملة لا متعارضة، وأن مبدأ التكامل ينشأ من مبدأ التخصيص التشريعي، والذي يعطي لكل قانون اختصاصه، وإن أي تشريع مستحدث يجب فيه مراعاة القوانين العاملة وأثرها على المجتمع وبنيانه القانوني والاجتماعي، إننا وبدراستنا لنصوص مشروع قانون حقوق الطفل نورد الملاحظات الآتية، والتي قد تسبب إشكاليات قانونية مجتمعية وأسرية، وفتح الباب على مصراعيه لتدخلات خارجية وداخلية وتطبيق البرامج الدخيلة على مجتمعنا.
* المرتكزات:
تقوم هذه المذكرة على المرتكزات التالية :
1- المرجعية العربية الإسلامية التي تستند إليها قيم المجتمع الأردني وثقافته.
2- أهمية الأسرة باعتبارها اللبنة الأساسية لبناء المجتمع والمثالية على أن منظومة العلاقات الأسرية والبناء الأسري هي رعاية جميع أفرادها دون اجتزاء أحد عن الآخر .
3-العلاقات في المجتمع والأسرة قائمة على منظومة الحقوق والواجبات .
4-الموازنة والتوفيق بين القوانين والتشريعات المنظمة للعلاقات بين الأفراد دون المساس بأي من الثوابت .
5- الحفاظ على البنية التشريعية للدولة وحمايتها من أي تشريعات دخيلة تترك المجال متاحا لاتخاذها ذريعة لتفيت الأسرة .
وتالياً المقترحات التي تتضمن المحاذير حال إقرار مشروع قانون حقوق الطفل
الجانب القانوني والتشريعي:
1) إن المطلع على مسودة مشروع قانون حقوق الطفل يلاحظ أن صياغته إنشائية سردية ولم تكن الصياغة قاطعة ومحكمة، وإن هذا القانون لم يعالج أي قضية متعلقة بحقوق الطفل لم تعالجها القوانين الأخرى، وشكل بنصوصه الفضفاضة اعتداءً حقيقياً على اختصاص تشريعات وقوانين أخرى بشكل واضح وصريح، ومنها:
● قانون الأحوال الشخصية الأردني.
● قانون العقوبات.
● قانون الحماية من العنف الأسري .
● قانون وزارة التربية والتعليم .
● نظام مراكز رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة.
● نظام رعاية الطفولة .
● قانون الصحة .
● قانون الأحداث وغيرها من القوانين الفاعلة .
2) لقد ورد في مسودة المشروع في المادة 2 تعريفان فقط هما تعريف الطفل و تعريف الجهات المختصة، وقد جاءت هذه التعريفات عامة وغير محكمة ومتعارضه مع التعريفات في القوانين الأخرى، وتركت المجال مفتوحاً لكافة الجهات الداخلية والخارجية للتدخل والعبث في توجيه الطفولة في الأردن، فقد جاء تعريف الطفل في المادة 2 يتعارض مع ما عالجته القوانين الأخرى في تعريفها للطفل، حيث ميزت القوانين الاخرى  بين مفهوم الطفولة في مراحلها المختلفة  وقسمتها إلى مراحل عمرية وإدراكية معينة، وهذا ما لم يتم مراعاته عند تعريف الطفل في مشروع حقوق الطفل مما يجعل منه قاصرا وغير واقعي، كما جاء تعريف الجهات المختصة وهو اخطر ما في هذا القانون عاماً يضم جميع  الجهات الأهلية والخاصة دون تحديد صفتها او ضوابطها او شروطها، وهذا يترك للمؤسسات الخارجية والداخلية مساحة واسعة للتدخل والتأثير بما لا يتفق مع السياسة العامة للدولة والهوية المجتمعية الاردنية وللتوجه الاخلاقي والديني في الاردن.
3) إن هذا المشروع اقتصر على تعريفين كما ذكرنا ولم يعرف مصطلحات مهمة وردت في بنوده مثل (مصلحة الطفل الفضلى، الرعاية البديلة، الحقوق الشرعية) كما وردت أيضاً بعض المصطلحات الإنشائية كمطالبة الطفل بالأفكار .
4) إن مشروع هذا القانون عالج في مواده ما هو من اختصاص المحاكم الشرعية، وما اختص به قانون الأحوال الشخصية الأردني وقانون أصول المحاكمات الشرعية، وعالج بعبارات فضفاضة غير قابلة للضبط والتطبيق العملي مواضيع مهمة كالحضانة والرضاعة والنسب والنفقة والعلاقة بين المواليد وحقوقهم في الولاية والحضانة بما يتفق ومستواهم الاجتماعي والثقافي، ومن ذلك المواد ذوات الأرقام (12, 13، 18) من ذات مسودة مشروع القانون.
5) إن مشروع القانون قد منح الطفل الصلاحيات التي تضر بتكوين الأسرة وتماسكها، ومن ذلك منح الطفل حق التبليغ عن الأهل والتقاضي منفصلاً عن ولاية الولي أو القاضي، ومنها المواد 22،24 كما جاء أيضاً مصطلح التمثيل القانوني دون ضوابط أو قيود.
6) تمت الملاحظة أنه لم تحدد أي جهة إدارية حكومية مخولة بتطبيق القانون واعتبارها الجهة الرقابية التي تضبط تطبيق القانون ضمن سياساتها، بل ترك للمنظمات الحقوقية تعبث فيه كيف شاءت ووفق الإملاءات الخارجية، وهذا مرتبط بالخلل الوارد في تعريف الجهات المختصة، حيث جاء التعريف عاماً ، ونجد في معظم المواد الهامة المتعلقة بتطبيق القانون في هذا المشروع كالمواد من 25 إلى 29 المتعلقة بتدريب العاملين في مجال الطفولة والتوعية الإعلامية والتعليم ووضع الخطط المتعلقة بمشروع القانون وكل ما هو متعلق بذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال مفتوحاً لعمل الجهات الخاصة بتعريفها العام المطلق.
7) إن المطلع على مسودة مشروع قانون حقوق الطفل يجد أنها تنذر بخطر حقيقي، فمسودة مشروع القانون تؤسس للاعتراف بتسجيل المواليد خارج إطار الزوجية، وتتعرض للنسب والرعاية البديلة (التبني)، وهذا لا ينسجم مع الأحكام ومواد قانون الأحوال الشخصية وقانون الأحوال المدنية، إذ أنه لم يشترط هذا القانون نسبة الطفل إلى والديه وفق عقد زواج صحيح.
8) تدخلت نصوص مسودة المشروع مباشره في حضانة وولاية ورعاية الصغار، فالقانون وبشكل فضفاض جدا يمنح الصغار حقوق الترفيه والتعبير والمراسلة والفنون كاملة، دون مراعاة  لاختلاف الطبقات الاجتماعية وأنماط التربية واختلاف البيئات، مما يشكل تهديدا حقيقا لحقوق الوالدين في رعاية أبنائهم كما هو الحال في المؤسسات الاجتماعية الغربية التي تتعرض لطرق تربية الآباء وتشكل تهديدا على بقاء الصغار في أسرهم بحجة عدم توفر الوسائل الكافية للرعاية.
9) تأسيس لرفض السلطة الأبوية، وتكريس فكرة الحرية المطلقة للطفل، فنصوص المواد لم تنص صراحة على حق التأديب للوالدين، بعكس ما ورد في قانون العقوبات، الذي نص في المادة 62 منه على أن (أنواع التأديب التي يوقعها الوالدان بأولادهم على نحو لا يسبب إيذاء أو ضرراً لهم ووفق ما يبيحه العرف العام لا يعتبر جرما.) بينما لا نجد نصا شبيها او حتى قريب يمنح هذا الحق للوالدين في مشروع القانون.
10) اختصت وزارة التربية والتعليم بتعليم الأطفال في المدارس الابتدائية والثانوية وحددت سنا إلزاميا للتعليم، وأن سير التعليم في المدارس الحكومية والخاصة مراقب من الوزارة، وقد سنت التشريعات المتعلقة بالعقوبات والضبط وتوفير البيئة المناسبة للتعليم وان محاولة المشروع سحب الاطفال من النظام التعليمي الذي تشرف عليه الدولة بأجهزتها وتضع أسسه وسياساته، أما المشروع في واقعه لم يمنح حقا إنما جاء تكرارا لما نصت عليه القوانين والانظمة التعليمية ومنح للمؤساسات الداخلية والخارجية على اختلاف أنواعها تفويضا بالتدخل في التعليم الاساسي والثانوي وهي فترة مرخلة الطفولة.
11) كما شكلت نصوص المشروع فيما يتعلق بالصحة تدخلا في عمل وزارة الصحة،  فقد خصصت وزارة الصحة دائرة مستقلة مختصة بالطفل بموجب نص المادة 3 من نظام التنظيم الاداري لوزارة الصحة وقانون الصحة العامة،  وكذلك الحال لذوي الاحتياجات الخاصة والاعاقة فان قانون وزارة الشؤون الاجتماعية والانظمة المرتبطة كنظام مراكز رعاية الاشخاص ذو الاعاقة عالج هذه الحالات.
12) ولأن القانون لم يأتِ لمعالجة قضايا حقيقة فقد تطرق مشروع القانون لحياة الطفل بشكل عابر رغم أهميتها وتشعب قضاياها، فمثلا قانون العقوبات وقانون حماية الأسرة عالجا كافة حالات الاعتداء على صغير او حتى الإهمال في رعايته، حيث تضمنت نصوصهما العقوبات المتعلقة بإهمال طفل لم يبلغ 15 عاما، والاجهاض بنصوص محكمة تحدد العقوبة وليس بنصوص عامة غير قابلة للتطبيق العملي.
13) تعارضت نصوص التشريع مع قانون الأحوال المدنية الذي نظم قيد وتسجيل المواليد وحقوقهم المدنية، إلا أن المشروع الجديد تطرق لهذه المواضيع المعالجة فعلا والتي تختص بها دائرة وجهة إدارية تنظيمية لكل ما يتعلق بهذه الحقوق، وشكل مشروع القانون بنصوصه الفضفاضه في صياغته الحالية تدخلا فعليا في عمل جهة معنية تنظيمية، كما عارضت نصوصه قانون الأحوال الشخصية فيما يتعلق بالحقوق الملاصقة للطفولة، كحق الضم والحضانة، والتي وردت كإشارة لمنح الاختصاص لاحقا لهذا القانون.
أصحاب الدولة والمعالي والسعادة…
ختاماً نقول …
إن النقاط التي تمت الإشارة إليها أعلاه إنما هي محاولة لاختصار حقيقة التجاوزات التي احتواها هذا القانون، وعدم الحاجة إلى وجوده، والاشكاليات الحقيقة التي ستترتب على تطبيق بعض نصوصه، إننا نخشى أن يتم استخدام هذا القانون لسلخ أطفالنا عن أسرهم، وقطع الخيوط التي تحافظ على تماسك الأسر، وذلك بعزل أطفالنا بعيدا عن بيئتهم الاجتماعية، فينشأ الطفل بلا انتماء لأسرته وأبويه الطبيعيين، معتقدا أن ما تمنحه له أسرته لا فضل لهم فيه، بل هو حق له يحصل عليه من أي مصدر آخر، وهو ما يخالف فطرتنا وقيم ديننا وهويتنا من تقدير الآباء والأمهات، والحرص على طاعتهم ورضاهم، مما سيصنع إشكاليات حقيقية كبيرة مستقبلية ستجبرنا للبحث عن حلول كان الأولى تجنبها من الآن.
إن القوانين تسن لإيجاد الحلول لا لخلق المشكلات، إلا أن مشروع هذا القانون سيؤدي لا محالة إلى خلق إشكاليات مجتمعية، سنضطر عاجلا أو آجلا إلى مواجهتها بحلول ربما لا تنسجم مع هوية مجتمعنا، لأن ما أوجد هذه الإشكاليات لم يراعِ طبيعة مجتمعنا، ومنح لجهات عديدة الحق للتدخل في ثقافة أطفالنا.
إن مذكرتنا هذه إنما هي تحذير لخطورة سن هذا القانون، الذي نبرأ من بعض ما ورد فيه أمام خالقنا ومجتمعنا وأمتنا، وسيكون لا قدر الله حجه عليكم أمامهم في حال إقراره كما ورد.
نسأل الله ان يكون لما ذكرنا صدى لديكم ويوفقكم لما فيه خير البلاد.
حفظ الله الأردن منيعاً قوياً ..
بيان - 15 منظمة وجمعية حقوقية تحذر من اقرار قانون الطفل