” لا شيء يرافقني ” قصيدة للشاعرة التونسية سليمى السرايري

” لا شيء يرافقني ” قصيدة للشاعرة
التونسية سليمى السرايري
كنانة نيوز – ثقافة – هاشم خليل عبدالغني
قصيدة ” لا شيء يرافقني ” غلب عليها اسلوب السرد المفتوح، واللغة المرنة المتحركة إلى جانب الإسهاب في نقل المضمون البريء، بطريقة تلاقحية تعاضدية، تجعل القاريء ينجذب لقرأتها من السطر الأول ، وتمكنه من فهم ما وراء هذا النص وقصديته.
وتجدر الإشارة إلى أن صناعة القصيدة الديناميكية النامية، سمة امتازت بها الشاعرة سليمى السرايري، فمعظم نصوصها متعددة الأوجه تشغل النص،كما إنها استطاعت ان تخلق اجواء مفعمة بالفنتازيا والغرائبية والترقب والتشويق .

لا شيء يرافقني ، أي لا شيء يصاحبني في زواريب ازقة الأحلام المؤجلة ،وتقلبات الحياة ، نعم تعثرت خطواتي لكنني لم أتوقف أو أستسلم ، فالشاعرة لا تقبل الوقوف في منظقة رمادية ليس لها عنوان ، ولكن كيف تغلبت الشاعرة على إحساسها بالفراغ والعزلة وشعورها بالوحده ؟ تغلبت بالوعي والشعورالإيجابي ،الذي مكنها من استخدام فترة وحدتها بحكمة، حكمة حولت إنتباه الشاعرة من الشعور السلبي للإيجابي، مكنها من ذلك مرافقة القصيد والإنظلاق ، تمشيا مع المقولة المشهورة للعظيم شكسبير ” لا شيء يبقى للإبد .. فكل شيء إما أن يتغير أو يرحل .”

” لا شيء يرافقني “
الآن حين لا شيء يرافقني
ألمَحُ لغتي تُنْحَتُ على شهقات الطوفان
أرى القصائد التي لم أعلن عنها
تركض على شواطئ الورق
بتفاصيلها الصغيرة
محشوّة بالحلوى وضحكات الأطفال

على ربوة التمنّي
أسمعكَ، تقنعُ العصافير بالعودةِ
إلى أعشاشها
في مروج مليئة بعرائس عذراء
فهل أتيتَ من تلك السواقي
وتوقّفت برهة عند “إرادة الحياة”
تأسّسُ من آهاتي مدن الرغبة
تلك التي تملأ تورّط أصابعنا
تغوص في دائرة احتراق
في اشتهاء جامح…

حين لا شيء يرافقني
أرى الليل يشحذُ عماهُ لكلّ المارين بنا
يعودُ المغنّي يدندن
وأنا أغضّ الطرف عن تأوّهك
ككوكب يتمطّى وحيدا
يجتاحني بكامل أناقته وضيائه
كلّما اندلق نجم في العتمة…

حين لا شيء يرافقني
حتما سأنحتُني وشما على مروجك المعشوشبة
لعلّي أرى دمي فيك غزالا
وشهقتي طائرا في هزيعك المذهول

يا رجلاً يحدّثني عن زوارق صيادين
مرّوا من موانئ أكلها الملحُ
تركوا دموعهم على الشواطئ الصخرية
وحلموا بنسوةٍ حملن من زهرات اللوز
صرخ الشوق فوق عنبات نهودهنّ
معلناً موت آخر رجال البحر بكبرياء

حين لا شيء يرافقني
اضرب لي موعدا حيث الريحُ
وأجراس المنارات الخالية
حيث مراكبٌ بهَتتْ ألوانُها
صيادون منسيون بلا رغيف لأطفالهم
يصمّ آذانهم صفيرُعواصفٍ
جاثية على ناصية الأشرعة…

حين لا شيء يرافقني
اضرب لي موعدا في آخر نقطة فراغ
بين فاصل وكلمة
بين ضفّة ضائعة وضفّة مشاغبة

انا احتراقٌ لذيذ، انتظر عند باب الله
أطلُّ من علياءٍ على كل الذين مرّوا من رمادي
هؤلاء الذي شوّهوا تفاصيلي
ورقصوا على طبول الخطيئة
مقترفين أحجية الشياطين

لا شيء الآن بعد احتضار قصيدةٍ
سوى طقطقة حروفها في موقدٍ قديمٍ
وبعض أزهار شكّلها الدخان
في أطيافٍ غريبة.

الشاعرة التونسية سليمى السرايري