شيء من الفقر… شيء من القهر/ بسام الياسين

شيء من الفقر… شيء من القهر

بسام الياسين

مشكلتنا في الوطن العربي مع نخب،انتهى عمرها الافتراضي، لم تزل تفكر بمنطق القرون البائدة،وقد دلفنا للربع الثاني من الالفية الثالثة، المفارقة في ظنهم، ان ديمومتهم باحكام القبضة الامنية على شعوبهم .نتج عن هذه النظرة القاصرة، صفر تنمية،لان اولوية الميزانية،تذهب للاجهزة الامنية وحماية الحاكم بامره سياسة، قادتنا لان نكون افقر الامم واكثرها استبدادا،ناهيك عن حروب بينية اشعلوها ـ حماقة على طريقة داحس والغبراء ـ  خلفت اعداداً مرعبة من اللاجئين، النازحين،بطالة وارتهاناً للبنك الدولي، خراب كلي على كافة الصعد،انسحب على الامة بمجملها،”من المحيط الثائر حتى الخليج الهادر”، وبلا مقدمات، سقطت الشعارات الوطنية والقومية وحلَّ مكانها:ـ ارفعوا ايديكم عنا / كفوا فسادكم كي نتخلص من جوعنا / اعيدوا لنا اموالنا انقلاب،كشف خدعة البطل القائد الاسطورة،تلك الكانت سائدة في الخمسينيات وما بعدها،،وتبين انها فبركة اعلامية،من تأليف  وتلحين شلة من المنافقين والحمقى.

 حالتنا لا تحتاج الى عبقرية لتحليلها. فان ظلت على هذه الحالة ـ  فنحن ذاهبون لامحالة، “للصوملة” بما تعنيه من فوضى او “الافغنة” حروب مستعرة وسنترحم على معاهدة سايكس بيكو، التي استولدت بعمليات قيصرية، دولاً رضيعة،تعيش عالة، وردة الى قبائل متناحرة،لكل حارة زعيمها فاصبحنا كقافلة بعران ،تسير على غير هدى، في صحراء جرداء، لا كلأ  فيها ولا ماء رحلة ضياع، بلا حاضر ولا مستقبل. شواهد كثيرة، تدل على ذلك، فهناك شعوب عربية باكملها، تحت خط الفقر، وملايين الاطفال بعانون من امية مطلقة، سوء تغذية، طفولة مضطربة، حقد طبقي،معاناة الاغلبية من امراض نفسية معلنة ومستترة،عنوسة،انهيارات اخلاقية، مخدرات، جرائم متنوعة عوامل تشكل توليفة قنبلة ديمغرافية، تتجاهلها الانظمة لكنها حتماً ستنفجر قريبا في وجهها.

في ظل هذا البؤس، نسأل اين نخب العرب التي بلعت اموال الامة؟ّ!. ولماذا لا تدلي بدلوها، وهي ترى اعجب العجب بما يجري للعرب؟! شعوب جائعة،غاضبة وخوف من غدٍ، دون طوق نجاة ّ! مدن تحترق عن بكرة ابيها، ولا قطرة ماء في الافق تطفيء لهيبها!.معروف للكافة، ان الدولة الظاهرة، لا تملك من امرها شيئا،فاين الدولة العميقة، ام انها مشغولة بصراعاتها، وتصفية الحسابات فيما بينها ؟!.

هي النخب التي استباحت لحم اكتافنا،واكلت خيرات بلادنا،اصيبت بعمى الوان،ففقدت قدرة التمييز،وتصاممت عما يدور،فيما الكل يصرخ من قاع :ـ الجُب النجدة…النجدة،لكن النخبة ليست هنا،طالما ان ارصدتها ترقد بسلام في ملاذات امنة، وتبيض عملة صعبة فلا غرابة،اذ انهم اصحاب فلسفة مكيافيلية، قائمة على المكر والخديعة، ولا يعنيهم  ان الاكثرية الكاثرة التي نفذ صبرها، لا تملك ورقاً ولا فراطة،حتى ضاقت الدنيا بها، فصارت اضيق من ثقب ابرة؟ّ

التلاعب بالحقائق، هوس الولع بالسلطة، مراكمة الثروة، لعبة مميتة، كلعبة الروليت الروسية قلما ينجو من يقامر بها. فقارون الذي كانت امواله، تنوء بحملها العصبة اولي القوة:ـ خسف الله به الارض ولم يجد من ينصره، وفرعون استاذ، الطواغيت لم يسعفه جبروته،فخنقته حفنة ماء مالحة.