53
كنانة نيوز – سوريا و مصالحةُ الخطوات الثلاث، دعوةٌ للعقلاءِ من الشيعةِ بخطواتِ المصالحةِ قبلَ أنْ تنقلبَ الأمورُ رأسًا على عَقِبٍ، و لاتَ حِينَ نَدَم.
بقلم :أحمد محمد أمين
باحثٌ في الشؤون الحضارية
العاقلُ من يستبق الحدثَ قبل وقوعه، ولن يخلوَ الشيعةُ النُصَيْريَّة و الشيعة الاثنى عشرية من عقلاء ليسعوا إلى إنهاء الأزمة في سوريا قبل امتداها الى الأماكن التاريخية للطائفتين الشيعيتين على الساحل السوري و في جنوب لبنان.
أ- روسيا بوتين.
إن الظروف الدولية تشير إلى أن وجود (روسيا – بوتين) في سوريا قد يتراجع في الأشهر القادمة بسبب ما يحدث في أوكرانيا و أستونيا( إحدى دول البلطيق حيث ثمة نزاع حدودي بين روسيا وأستونيا على أقليم يتبع سيادة أستونيا إلا أن سكانه من الروس، وهو نزاع يشبه ما يحدث في أوكرانيا الآن، وهذا النزاع أشد خطرًا من النزاع الحادث مع أوكرانيا).
و على أبعد الظروف فإنْ لم تنسحب روسيا في الأشهر القادمة فإن انسحابها من سوريا مسألة وقت لن يتعدى بضع سنوات؛ وذلك أن تدخل (روسيا- بوتين) في سوريا هو تدخل شخصي من بوتين، و ليس لأي هدف إستراتيجي لروسيا الدولة، فالقاعدة العسكرية الروسية في الساحل السوري قاعدة ساقطة من الناحية العسكرية في يد حلف شمال الأطلسي ؛ وذلك أن البحر الابيض المتوسط من الناحية البحرية بحر شبه مغلق، أما من الناحية العسكرية فجميع دول ساحله الشمالي أعضاء في حلف شمال الاطلسي من تركيا شرقًا إلى إسبانيا والبرتغال غربًا، ناهيك عن الأسطول الأمريكي في البحر الابيض المتوسط، و هو ما يؤكد أن وجود (روسيا- بوتين) في سوريا هو وجودٌ متعلقٌ برغبة بوتين الشخصية و ليس من أجل مصلحةٍ إستراتيجية عسكرية لروسيا الدولة، فموتُ بُوتين ( من مواليد١٩٥٢، العُمر ٧٠ سنة)أو تدهور الوضع في أوكرانيا وأستونيا سيؤدي أحدهما إلى انسحاب القوات الروسية من سوريا.
ب- مصالحة الخطوات الثلاث.
إن انسحاب القوات الروسية من سوريا سيُجدِّد القتال السني الشيعي في سوريا، و مقدرة إيران على البقاء في سوريا غير ممكنة إلى مدًى طويل، و هذا الأمر سيجعل المواجهة تنحصر في النهاية بين أهل السنة في سوريا و الشيعة النُصَيْريَّة والشيعة الاثنى عشرية في جنوب لبنان، ومقدرة الطائفتين الشيعيتين على صد الجيش الحر والفصائل المسلحة الأخرى معدومٌ على الأمد القريب او المتوسط، وهو ما سيؤدي إلى دخول الفصائل المسلحة إلى الأمكان التاريخية للطائفتين الشيعيتين على الساحل السوري و في جنوب لبنان، و هو ما سينتج عنه أعمالٌ قتاليةٌ كبيرة، فما أصاب الشعبَ السوري ( أهل السنة خاصة) من تدمير ملايين البيوت وقتل مئات الآلاف و نزوح أكثر من ١٥ مليون نازج ولاجئ أنتج كلُ ذلك مئاتِ الآلاف بل الملايين ممن يطلبون القِصاص من القتلة. و ليس أمام القتلة إلا البحرُ المتوسط أو اللجوء إلى الاحتلال الإسرائيلي، و احتمالية أن تفتح إسرائيل حدودها لمئات الآلاف من اللاجئين من شيعة لبنان غير محتملة على الإطلاق.
إن هذا الأمر يتطلب من عقلاء الشيعة في لبنان وخارجَه المسارعةَ في تبني المصالحة مع شعب سوريا( أهل السنة) عبر ثلاث خطوات:
الخطوة١: تنسحب الشيعة النُصَيْريَّة و الشيعة الإثنى عشرية من جميع الأمكان التاريخية لأهل السُّنة في سوريا ولبنان إلى أمكان وجودهم التاريخية التي كانوا فيها عند نهاية الحرب العالمية الأولى سنة ١٩١٨ أي قبل الاحتلال الفرنسي لسوريا ولبنان.
الخطوة٢: يُسلّم الشيعة مجرمي الحرب من الطائفة النصيرية و شيعة جنوب لبنان من حركة أمل وحزب الله إلى الجيش الحر السوري لمحاكمتهم على جرائمهم، في مقابل ذلك يتعهد الجيش الحر والفصائل المسلحة بعدم الدخول الى الأماكن التاريخية للطائفة النصيرية وشيعة جنوب لبنان.
وهذا الامر سينتج عنه تسليم بضعَ مئاتٍ من مجرمي الحرب من النُصَيريين و شيعة لبنان و لكنه في المقابل سيحمي مئاتِ الآلافِ بل ربما أكثرَ من مليونين من النُصَيريين و شيعة جنوب لبنان من دخول الفصائل المسلحة الى الاماكن التاريخية لتلك المجموعتين، إذ لن يخلو ذلك الدخول من أعمال قتالية كبيرة. ومن ثم فتسليمُ مئات من مجرمي الحرب سيكون لمصلحة أكبر هو حماية مئات الآلاف من الطائفتين الشيعيتين .
الخطوة ٣: تُسلَّم جميعُ أموال مجرمي الحرب من الطائفة النُصَيْريَّة و شيعة جنوب لبنان من حركة أمل وحزب الله الى الجيش الحر تعويضًا محدودًا جدًا عن الخسائر التي تسببوا بها في سوريا، إذ تُقدِّر تقديراتُ دولية أولية خسائرَ الشعب السوري( أهل السنة) بمئات المليارات من الدولارات. و في مقابل ذلك يتعهد الجيش الحر والفصائل المسلحة بعدم التعرض للأموال الخاصة لعامة المنتسبين لكلا الطائفتين الشيعيتين أي الطائفة النُصَيْريَّة وشيعة جنوب لبنان.
إن على العقلاء من الطائفتين الشيعيتين النُصَيرية والاثنى عشرية الشيعة المسارعةَ بخطوات المصالحة قبل أن تنقلب الأمور رأسَا على عقب، و لات حينَ ندم.