زبطت إلا شوي / رائــد عبدالرحمن حجازي

كنانة نيوز – مقالات –
مفضي ما زبطت معه لكن مع غيره بجوز تزبط وعلى دوز بارة
 
زبطت إلا شوي
رائــد عبدالرحمن حجازي
وقف مفضي أمام غرفة الحرس عند بوابة قصر السلطان منتظراً دوره في الدخول لطلب حاجة له . انتظاره كان طويلاً ولكنه لم ينزعج بل على العكس كان يوزع ابتساماته البريئة على كل من هم في غرفة الإنتظار . وبعد حين ها هو أحد الحُراس يشير له بيده للتقدم لغرفة المسؤول . نهض من مكانه وسار خلف الحارس حتى وصل لغرفة أكبر وفيها أثاث فاخر ومكتب كبير وخلفه كان يجلس مسؤول الحرس . بادر مسؤول الحرس بطرح السؤال الآتي على مفضي وسأله : ها وشّو جاي تُطلب ؟ مفضي ابتسم كعادته وحاول أن يمد يده بجيبة جاكيته الداخلية . ولكن أحد الحُراس وبلمح البصر منعه من ذلك خوفاً من أن يكون مفضي يريد أن يخرج سلاحاً أو سكيناً ليغتال مسؤول الحرس ، بدوره مسؤول الحرس صاح على الحارس وقال له : ولكوا أنتوا ما فتشتوه قبل ما تفوتوه لهون .
أجاب الحارس : فتشناه يا سيدي وما لقيناش معه إشي
مسؤول الحرس للحارس : لعاد لويش هجمت عليه ؟!
الحارس : والله يا سيدي من باب الخوف عليك
المسؤول : طيب دشره خليني أشوف شو بده
مفضي بعد سماعه لهذا الحوار تبدلت ابتسامته بالخوف فهو لا يعلم بهذه الإجراءات الأمنية المشددة وتفاصيلها . وأثناء سرحانه بما حدث قاطعه صوت مسؤول الحرس وهو يقول له : ها … ما حتشيتلي وشّو بدك ؟ وهنا عادت الإبتسامة على وجه مفضي ورفع يديه للسماء ولكنه قبل أن ينطق بحرف واحد قال له المسؤول : خلص .. خلص فهمت عليك لا تحتشي ولا على بالك . هسع أني بفوتك عند مستشار مولانا السلطان وهناك بتطلب اللي بدك إياه ، مرة أُخرى ابتسم مفضي وطأطأ رأسه معبراً عن شكره .
أُدخل مفضي لغرفة أكبر وأفخم ليدرك عندها أنه في مكتب مستشار السلطان . تبسم كعادته منتظراً من المستشار أن يسأله عن حاجته ولكن المستشار عاجله وقال له : شو رأيك بالموضوع موافق ولا مش موافق ؟ مفضي المسكين لم يدري عن أي موضوع يتكلم المستشار ولكنه من باب الأدب والإحترام هز رأسه كناية عن الموافقة بالإضافة لابتسامته البريئة ، ثم قال له المستشار : هسع بدي أفوتك لعند مولانا السلطان مش تفضحني قدامه , بدي إياك تكون قد حالك , فاهم ولا لأ ؟ مرة أخرى هز مفضي رأسه للأسفل وللأعلى دلالة على الموافقة بالإضافة لابتسامته الساحرة .
وبشكل ودي أمسك المستشار بيد مفضي وسار به لصالة مجاورة وكبيرة وفيها من التحف والأثاث ما لم يراه مفضي طيلة حياته وما لم يخطر على باله . مفضي الآن بحضرة السلطان ولم يتمالك نفسه فأرجله راحت ترتجف ونبضات قلبه تسارعت والمفاجأة كانت حينما سمع المستشار يقول للسلطان : أُقدم لكم يا مولاي الصدر الأعظم الجديد (الصدر الأعظم = كبير وزراء السلطان). عندها وقع مفضي على الأرض مغشياً عليه وخلال إسعافه وإنعاشه وبعد التفتيش والتنبش بجيابه عُثر على ورقة في جيبة جاكيته الداخلية كُتب فيها ( مولاي السلطان أنا مفضي مواطن كحيان راجياً منكم العون والمساعدة ببضعة دراهم . أدام الله عزكم وعذراً يا مولاي لمخاطبتي لكم عن طريق الورق كوني أخرس).